للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بلفظ الالتزام، والفرق بين هذه الحقائق إنما هو بأمور اعتبارية اعتبرها الفقهاء، فخصوا الصدقة والهبة بتمليك الرقاب، وجعلوا الأولى فيما كان لقصد الثواب من الله تعالى خاصة، والثانية فيما كان لقصد ثواب من المعطى، أو لوجه المعطى لصداقة أو قرابة أو نحو ذلك، وخصوا الحبس وما بعده إلى الإسكان بإعطاء المنفعة، فإن كان ذلك على التأبيد فهو الحبس، وإن كان ذلك مدة حياة المعطى فهو العمرى، وإن كان بمدة أو غير محدود فهو العارية، فإن كان ذلك في عقار أطلق عليه الإسكان، وإن كان في ثمرة أطلق عليه العرية، وإن كان في غلة حيوان أطلق عليه المنحة، وإن كان في خدمة عبد أطلق عليه الإخدام، وإن كان في منافع تتعلق بالعقار أطلق عليه الإرفاق، وخصوا الضمان بالتزام الدين لمن هو له، وخصوا النذر المطلق بالتزام طاعة لله تعلي بنية القربة، والالتزام الأخص بما كان بلفظ الالتزام، وتخرج العدة لأنه لا التزام فيها، ويأتي إن شاء الله تعالى الكلام على ما يقضى به؛ منها وما لا يقضى به قال الإمام الحطاب: وهذا القسم يقضى به على الملتزم ما لم يفلس أو يمت أو يمرض مرض الموت إن كان الملتزم له معينا، ولا أعلم في القضاء به خلافا إلا على القول بأن الهبة لا تلزم بالقول، وهو خلاف المعروف من المذهب، وأما إن كان الملتزم له غير معين فيأتي الكلام عليه إن شاء الله. ابن زرقون: قال المازري: للواهب الرجوع في هبته قبل حوزها عند جماعة، وفي قولة شاذة عندنا، وحكاه الطحاوي عن ملك، وابن خُوَيْز مَنْدَادَ عن ملك، وقال ملك في المدونة: وإن أشهد رجل على نفسه أنه ضامن لا قُضِيَ به لفلانٍ على فلان أو أنا كفيل بفلان على فلان وهما حاضران أو غائبان أو أحدهما لزمه ما أوجبه على نفسه من الكفالة والضمان، لأن ذلك معروف، والمعروف من أوجبه على نفسه لزمه، ومن ضمن لرجل ماله على ميت ثم بدا له فقد لزمه وذلك لأن المعروف كله إذا أشهد به على نفسه لزمه. قال الإمام الحطاب: وذكر الإشهاد هنا ليس شرطا في اللزوم وإنما خرج مخرج الغالب. وقال ابن رشد عن ملك: إذا قال له: بع ولا نقصان عليك لزمه، لأن معناه: بع ولا نقصان عليك والنقص علي، فهذا أمر أوجبه على نفسه، والمعروف على مذهب ملك وجميع أصحابه لازم لمن أوجبه على نفسه ما لم يمت أو يفلس إلى آخره، ومن التزم الإنفاق على شخص مدة معينة أو مدة حياة المنفق أو المنفَق عليه أو حتى يقدم زيد أو إلى أجل مجهول لزمه ذلك ما لم يفلس أو يمت، ومن