فقيرا لغني، وهذا من قول ملك، وقال ابن القاسم: لا يأخذ الفقير هبته وإن قائمة وهو المشهور، وأطلق المص اعتمادا على العرف فلا ينافيه ما قيد في المدونة بالفواكه والرطب وشبهه، ولذا قال محمد: أما القمح والشعير ففيه الثواب. اهـ. وعلى هذا فالثياب ونحوها أولى. اهـ. ولابن غازي رحمه الله تعالى في الهبة للفقيه:
ليس على الفقيه من ضيافه … ولا شهادة ولا مكافه
ذكر ذا القاضي لدى المدارك … عن سعد المعافري عن ملك
قال عبد الباقي: وحيث كان ذلك عن ملك فلعله أراد بالفقيه من هو مثله في الاجتهاد واستنباط الأحكام من الأدلة لشغله بذلك عما ذكر، فلا يشمل مجرد نقل كلام الغير، ويؤخذ من نقل التتائي أنه ليس على الفقيه مكافأة إلا أن يكون غنيا أو يجري العرف بمكافأته أو يكون المهدي فقيها مثله. اهـ. قال بناني: مقتضى ما نقله ابن غازي في التكميل عن شيخه القوري خلاف ذلك وهو ظاهر، فإن من شغل أوقاته بالمطالعة والتعليم والفتوى جدير بذلك وإن قصر عن الاجتهاد. وسعد المعافري هو سعد بن عبد الله بن سعد المعافري من كبار أصحاب ملك المصريين، سمع منه ابن القاسم وأشهب وابن وهب وغيرهم، وبه تفقه ابن وهب وابن القاسم، توفي بالأسكندرية سنة ثلاث وسبعين ومائة، والمعافري بفتح الميم وكسر الفاء نسبة إلى معافر بن يعفر بن ملك بن النضر. اهـ. وقوى الرهوني أنه ليس على الفقيه مكافأة الهدية ولو أهدى إليه فقيه.
فائدة: قال الرهوني: سعد المعافري هذا من كبار أصحاب ملك، سمع منه ابن القاسم وأشهب وابن وهب وغيرهم، وهو ثقة، وكان سعد فاضلا حتى إن الليث الذي هو من نظراء ملك قال: لو كان أهل الإسلام في ناحية وسعد في ناحية كنت قرينا له، يعني لسعد، ويذكر أن سعدا أوصى بابنته لابن القاسم وابن وهب فطلبها رجل بعد موته ذا يسار وليس هو بذلك الدين وطلبها آخر فقير ذا دين، فمال ابن القاسم إلى ذي الدين، ومال ابن وهب إلى ذي اليسار، فتناظرا فيه، فقال ابن القاسم: أرأيت لو كان سعدٌ حيا لمن يعطيها؟ أليس يقدم ذا الدين؟ فقال ابن وهب: نعم فقال