يبني فيها ويسكن ما بدا له أي ثم يكون البناء للمعير لم يجز، فإن وقع فعليه قلع بنائه وعليه كراء ما سكن. قال في المدونة: ولك أن تعطيه قيمته مقلوعا لا نقضه، والفرق بينهما أن الباني في العارية إنما بنى لنفسه لينتفع، والباني هنا إنما بنى لرب الدار، لأن الوقف على ملك المحبس. انتهى. قلت: قف على قوله: فإن وقع فعليه قلع بنائه وعليه كراء ما سكن، فإنه يستغرب لأنه إنما سكن على وجه العارية، فكيف يكون عليه كراء في السكنى؟ ولعل وجهه أن العارية لما فسدت صارت كالعدم، فليس فاسد العارية كصحيحها في عدم الكراء. انتهى. وقال بناني بعد كلام ما نصه: فالحاصل أن نفقته من فائدته فإن عجزت بيع وعوض من ثمنه ما هو من نوعه، فإن عجز صرف في مصرفه. انتهى. وقال ابن عرفة قبل هذا: والأظهر عندي أن ينظر فإن كان ذلك يعني الحبس الذي لا تفي غلته بنفقته لا ثمن له رد لمحبسه، وأَن كان له ثمن يبلغ ما يشترى به ما فيه نفع ولو قل بيع واشتري بثمنه ذلك. وفي الزاهي: لو شرط الواقف أن يبدأ من غلته بمنافع أهله ويترك إصلاح ما ينخرم منه بطل شرطه. انتهى.
كأرض موظفة، تشبيه في مطلق النفي، يعني أن الأرض الموظفة أي التي عليها وظيفة أي مكس للحاكم لا يجوز تحبيسها إلا أن تكون الوظيفة من غلتها فإنه يجوز تحبيسها حينئذ على القول الأصح، ومقابل الأصح أنه لا يجوز تحبيسها ولو كانت الوظيفة من غلتها، قال بناني: لما قال في المدونة: إن اشترط على الذي حبس عليه إصلاح ما رث منها من ماله لم يجز، قال أبو الحسن: انظر قوله: من ماله، فلو كان من غلتها لجاز. قالوا: يقوم منه أنه يجوز تحبيس الأرض الموظفة، وحكى ابن الهندي في ذلك قولين، ولو كان على أن ترمَّ من غلتها ويخرج الوظيف من غلة الأرض لجاز تحبيسها، وقد قيل: لا يجوز. قال ابن كوثر: والأول أصوب، وهذا الذي قررت به المص هو الذي يفيده بناني والرهوني، وقرر المص غير واحد بأن معنى قوله: كأرض موظفة، أنه تشبيه في بطلان الشرط وعدم اتباعه وصحة الوقف، أي إذا حبس أرضا موظفة وشرط إخراج الوظيفة من مال الموقوف عليه فإن وقع ذلك صح الوقف وبطل الشرط لا شرط إخراج الوظيفة بعد غلة الأرض فصح الشرط ورجع غير واحد الاستثناء للمسألتين.