وليس للحاكم أن يولي غيره، ولو غفل الواقف عن أن يجعل على الوقف ناظرا فللقاضي أن يجعله ويجعل له معلوما من غلته، وإذا وقف على مصالح المسجد صرف في حُصُره وزيْتِه، ولا يصرف لمؤذنه وإمامه لأنهم ليسوا من مصالحه، فإن صرف لهم الناظر لا يرجع عليهم، والعبرة في الوقف بتقرير الناظر لا القاضي، لأن الناظر أخص والقاضي أعم، والأخص مقدم على الأعم، ولو شرط المواقف أن لا يخرج الكتاب من المدرسة أو لا يعطى منه أكثر من كراس جازت المخالفة إن كان الآخذ أهلا، ولو شرط أن لا يعطى ذلك إلا برهن فإن كان مراده الرهن الشرعي فلا يعمل بشرطه إن كان الآخذ أهلا، فإن وقع أجري عليه حكم الرهن الصحيح، وإن كان مراده التذكار خوفا من النسيان فلا بأس به. انتهى. ونحوه للشبراخيتي.
أو تصدقت يعني أن الوقف يثبت بقول الشخص تصدقت بشرط أشار إليه بقوله: إن قارنه، أي تصدقت. قيد لا يباع ولا يوهب، قال عبد الباقي: وتصدقت إن قارنه أي تصدقت فقط، ولذا أفرد الضمير، قيد لا يباع ولا يوهب بخلاف الصيغتين قبله فيفيدان التأبيد بلا مقارنة قيد. انتهى. قال بناني: ما قرره به من رجوع القيد للثالث فقط هو الراجح من المذهب على ما يفيده في التوضيح، وذكره الحطاب ونصه: الذي يتحصل من كلامه في التوضيح أن الراجح من المذهب أن حبست ووقفت يفيدَانِ التأبيد سواء أطلقا أو قيدا بجهة لا تنحصر أو على معينين أو غير ذلك إلا في الصورة الآتية، وذلك إذا ضرب للوقف أجل أو قُيِّد بحياة شخص، وأما لفظ الصدقة فلا يفيد التأبيد إلا إذا قارنه قيد. انتهى. وهذا خلاف ما قاله الحطاب أول تقريره من أن المقيد يرجع للثلاثة، وخلاف ما لابن شأس وابن الحاجب من رجوعه لحبست وتصدقت فقط، وقد جزم المصطفى بحمل المص على ما في أول كلام الحطاب، وما تقدم عن التوضيح يرده، وليس فيما نقله المصطفى عن ابن رشد ما يدل لما زعمه. فتأمله. والله تعالى أعلم. قاله بناني. وقال الشبراخيتي: الشرط خاص بقوله: تصدقت، ولذا عطفه بأو، وهذه نكتة لطيفة. انتهى. وتحصل مما مر أن وقفت وحبست مترادفان يفيدان التأبيد مطلقا، وأن تصدقت إنما يفيد التأبيد إن قارنه قيد، هذا هو المعول عليه. والله سبحانه أعلم.