للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لهذا الكلام مزيد بيان قريبا إن شاء الله تعالى. وقال عبد الباقي عند قوله: أو لم يخل بين الناس وبين كمسجد ما نصه: والتخلية فيما ذكر حوز حكمي، وفي المسألتين قبله حوز حسي فتغاير المعطوف والمعطوف عليه. قبل فلسه وموته ومرضه، يتنازعه يُحَزْ ويخل، يعني أن الحيازة التي هي شرط في صحة الحبس إنما تكون قبل حدوث واحد من هذه الثلاثة للواقف، فإن بقي بيده إلى أن فلس بطل الوقف وبيع للغرماء، وكذا إذا لم يخل بين الناس وبين كمسجد حتى فلس فإنه يباع للغرماء، وما قيل في الفلس يقال في الموت وفي المرض المتصل بالموت، والمراد بالفلس الإحاطة، كما في الهبة "وبطلت إن تأخر لدين محيط" لأنه لا فرق بين الهبة والصدقة والوقف، فمتى تأخرت الحيازة حتى حصل للواقف واحد من هذه الأمور بطل الوقف لعدم التمام لحق الغرماء في الأول ولحق الورثة في الأخيرين، والضمير في فلسه وموته عائد على الواقف، وفي مرضه عائد على الموت أي ومرض موته ومرض الموت لا يكون إلا متصلا بالموت، فلله در المص ما أدق إشارته وألطف عبارته، وكم له مثل هذا من الصناعة العجيبه، والإشارات اللطيفة الغريبة، ومعنى كلام المص كما مر أن من حبس في صحته على معين أو غيره ولم يحز عنه - والتخلية حوز حكما - حتى حصل مانع من أحد الثلاثة فإن الوقف يبطل، فأما من تبرع في مرضه بشيء من التبرعات فإنه لا يحتاج لحيازة بل ينفذ من الثلث، واعلم أن من حبس في صحته واطلع عليه قبل حصول مانع فإنه يجبر على التحويز وليس له إبطاله إلا أن يشترط لنفسه الرجوع عنه أو البيع إن احتاج فيعمل بشرطه، فإن لم يشترط ذلك في أصل الوقف لم يكن له إبطاله خلاف ما توهم متوهم أن له إبطاله عند كبر سنه، ومراد المص بالبطلان قبل الثلاثة المذكورة عدم التمام لا حقيقته لأن ذلك حق للغرماء في الأول وللورثة في الأخيرين، فإن أجازوه مضى، ومفهومُ قوله: لم يحزه: أنه لو حازه من ذكر قبل المانع لصح ويشترط معاينة البينة لقبض المحبس عليه ولو بدفع المفاتيح له أو عقد الكراء أو المزارعة إن كانت بياضا أو دفع عقد المساقاة إن كانت سوادا، ولا يكتفى بإقرار المحبس. قاله عبد الباقي. وقوله: ويشترط معاينة البينة، قال في المدونة: ولا يقضى بالحيازة إلا في معاينة البينة لحوزه في حبس أو رهن أو هبة أو صدقة، ولو أقر المعطَي في صحته أن المعطى قد حاز وقبض وشهدت عليه بإقراره بينة ثم مات لم يقض بذلك إن أنكر ورثته