للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو بدنانير عينت؛ يعني أنه إذا وقع العقد على دنانير معينة أو دراهم معينة وطلب المؤجر قبضها وأبى المستأجر فإن كان الكراء في البلد بالنقد قضي بنقدها، وإلا لم يجز الكراء إلا أن يشترط الخلف لا تلف منها، ولهذا قال:

إلا بشرط الخلف، ونحوه قول المدونة عقب التي قبلها: قال ابن القاسم: وإن اكترى ما ذكرنا بدنانير معينة ثم تشاحا في النقد فإن كان الكراء في البلد بالنقد قضي بنقدها وإلا لم يجز الكراء، إلا أن يعجلها كقول مالك فيمن ابتاع سلعة بدنانير له ببلد آخر عند قاض أو غيره فإن شرطا ضمانها إن تلفت جاز، وإلا لم يجز البيع فأرى إن كان الكراء لا ينقد في مثله فلا يجوز، إلا أن يشترط في الدنانير إن تلفت فعليه مثلها. قاله التتائي. وقال البناني عند قوله: إلا بشرط الخلف ما نصه: هذا قول ابن القاسم، وقال غيره بالجواز وإن لم يكن شرط الخلف، والقولان مبينان على أن الدنانير تتعين بتعينها أولا، الأول لابن القاسم، والثاني لغيره، لكن مقتضى الأول أنها إذا تلفت انفسخت الإجارة، وكأن ابن القاسم توسط فقال بالصحة إذا شرط الخلف. والله أعلم. انتهى. وقول المدونة: وإلا لم يجز الكراء إلا أن يعجلها؛ أي إلا أن يشترط تعجيلها.

تنبيه: ظاهر قول المص: إلا بشرط الخلف، كانت هذه الدنانير المعينة أو الدراهم المعينة حاضرة أو غائبة، ومعنى التعيين أن يقول: بهذه الدنانير أو الدراهم، ويريه إياها إن كانت حاضرة أو التي هي أمانة عند فلان ببلد كذا أو عند القاضي فلان إن كانت غائبة، ولا تتعين بالوصف كدراهم صفتها كذا من سكة كذا، فإن ذلك لا يخرجها عن كونها في الذمة، ألا ترى أن المسلم فيه شرطه أن يكون في الذمة مع أن شرط صحة عقد المسلم كون المسلم فيه موصوفا كما هو مقرر. وما في الأجهوري ومن تبعه من أن شرط الخلف لا يكفي في الدنانير الحاضغ غيرُ صحيح، فإن قول المتن: أو بدنانير عينت، يشمل الحاضرة والغائبة. قاله الرهوني وأبو علي، وجلبا من المنقول على ذلك ما فيه كفاية، وقد نقل الرهوني عن اللخمي أنه قال: قال ابن القاسم: فيمن اكترى راحلة بعينها بدنانير بأعيانها فإن كان الكراء عندهم بالنقد جاز، وإن كان بغير النقد لم يجز، إلا أن يشترط إن ضاعت أخلفها أو توضع على يد غيره ويجعلها رهنا، وقال غيره: ذلك جائز، وإن تلفت فعليه بدلها فقد اتفقا على أنها تتعين، وإنما اختلفا هل الحكم الخلف من غير شرط