للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا محيد عنه؛ لأن منافع العين ليست في الذمة، وقد تقدم تصريح ابن الحاجب بأن منفعة المعين كالمعين، وسلمه ابن عبد السلام وابن هارون والمص وابن عرفة، ولا دليل فيما استدل به الرجراجي من منع دفعها في دين على المشهور؛ لأن ذلك ليس لكونها في الذمة بل لأن قبض الأوائل ليس قبضا للأواخر، ومقابله على أنه قبض لها ولكونها ليست في الذمة جاز جعلها رأس مال سلم كما صرح به في المدونة وغيرها، ولذلك جاز أيضا كراء المعينة التي يتأخر قبضها من غير تعجيل الأجر، ولا فرق في ذلك بين الدابة والدار خلاف ما اقتضاه صنيع الزرقاني، وعلى هذا فصور الزيادة من المكري مؤجلة كلها جائزة إذ ليس في شيء منها فسخ ما في الذمة في مؤخر، ولم يظهر لي وجه لجواز جعلها رأس مال سلم، ولجواز تأخير الأجرة في العقد عليها مع تأخير الشروع، ومنع هذه الصورة فتأمله، وقول البناني: ومع التأخير تجوز في الذهب بشرط المقاصة، ظاهره مطلقا اتحد أجل الزيادة والكراء أو اختلف، والذي في المقدمات هو: وإن كانت الزيادة ذهبا والكراء بذهب لم يجز إلا إلى محل أجل الكراء على المقاصة، ولا يجوز نقدا لأنه ضع وتعجل، ولا إلى أجل سوى محل أجل الكراء، ولم يبين علة المنع في اختلاف الأجلين، وبينه الرجراجي فقال: وإن كانت ذهبا لم يجز إلا إلى محل الكراء على معنى المقاصة، أما نقدا أو إلى أجل دون الأجل فلا يجوز لأنه ضع وتعجل، ولا إلى أبعد من الأجل لأنه بيع وسلف. اهـ على نقل أبي علي. انتهى كلام الرهوني.

واشتراط هدية مَكّة؛ يعني أنه يجوز للمكتري أن يشترط على الجمال حمل هدية مكة؛ أي ما يهدى لمكة من كسوة الكعبة وطيبها، ويجوز للمكتري أيضا أن يشترط على الحمال حمل ما يهدى من مكة أي ما يأتي به المكتري من مكة من الهدية لأهله ولغيرهم على وجه العادة، كذا قرره الشارح، وقرره البساطي على أنه يجوز لرب الدابة اشتراط هدية مكة على المكتري وهي حينئذ من الأجرة، ونسب كل منهما للمدونة. قاله عبد الباقي. وقوله: إن عرف، شرط في الجواز؛ يعني أنه يشترط في الجواز أن يكون ما يهدى لمكة معروفا بالعادة. والله سبحانه أعلم. وقد مر أنه يجوز للمكتري أن يحمل في غيبة الجمال ثوبا أو ثوبين لغيره ولا يخبر بذلك الجمال وهو من شأن الناس، ولو بين هذه الأشياء ووزنها لكان أحسن. اهـ. وقال الخرشي عن الزرقاني: