وأجير تأخر شهرا؛ يعني أنه إذا آجر أجيرا معينا وتأخر شروعه في العمل شهرا فإنه لا يجوز شرط النقد ويفسد العقد باشتراط ذلك. قال الخرشي: صورتها استأجر أجيرا معينا أو دابة معينة تقبض منفعتها بعد شهر من يوم العقد فإنه لا يجوز اشتراط النقد للأجرة في عقد الكراء فإنه يفسده، وفسرنا الأجير بكونه معينا كالدابة لا يأتي أن الكراء المضمون يتعين فيه تعجيل الأجرة أو الشروع، ومقتضى كلام المؤلف أنه إذا كان تأخير الأجير أو الدابة دون شهر لا يمتنع فيه شرط النقد وليس كذلك؛ إذ لا يجوز شرط النقد إن تأخر فوق نصف شهر، ومن هذا مسألة اجتماع نساء لغزل كتان، فإن تأخر الشروع في غزل واحدة منهن أكثر من نصف شهر منع وإلا جاز؛ أي فإن كان نصف شهر وعينت الأولى ومن يليها جاز، ويجوز أن يقول: خذ حماري اعمل عليه خمسة أيام وتعمل لي عليه خمسة أيام، بخلاف ما لو قال: اعمل عليه شهرا مثلا لي وشهرا لك فلا يجوز، بدأ بالشهر الذي لصاحب الدابة أو بالشهر الذي له، ولا فرق في ذلك بين العاقل كالعبد وغيره كالدابة. والله سبحانه أعلم. ولما ذَكَر ما يمتنع فيه شرط النقد ذَكَرَ أربع مسائل يمتنع فيها النقد بشرط وبغيره، ولا خصوصية للأربع المذكورة بل هي بحسب حفظ ذاكرها، وضابط ذلك كلّ ما يتأخر قبضه بعد أيام الخيار يمنع فيه النقد فقال:
ومنع وإن بلا شرط في مواضعة؛ يعني أن الأمة المبيعة بخيار وهي تتواضع لا يجوز فيها النقد بشرط ولا تطوعا وغائب؛ يعني أن الغائب المبيع بخيار لا يجوز فيه النقد بشرط ولا تطوعا. وكراء ضمن؛ يعني أن الكراء إذا كان بخيار فإنه يمنع فيه شرط النقد والتطوع به. وقوله: ضمن، وكذا لو عين، سلم؛ يعني أن السلم بخيار يمنع فيه شرط النقد والتطوع به.
وعلم مما قررت أن قوله: بخيار، قيد للمنع في المسائل الأربع، وقوله: بخيار صفة للأربع. والله سبحانه أعلم. وإنما امتنع النقد في هذه الأربع مطلقًا لأن اللازم فيه فسخ ما في الذِّمة في مؤخر، بخلاف ما قبله فإن اللازم فيه التردد بين السلف والثمنية، وذلك إنما يؤثر مع الشرط، ولا تدخل عهدة الثلاث هنا حيث كان البيع بتا لأنَّها إنما يمنع فيها النقد بشرط، وأما التطوع به فجائز كما قدمه المص قريبا، ومحل منع النقد في هذه المسائل حيث كان الثمن مما لا يعرف