للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للمصاحبة. وإن لحائض يعني أن الحرز إذا كان في ساتر يكنّ ما فيه من القرآن يجوز تعليقه للحائض والنفساء والجنب والحامل، كان حامله صحيحا أو مريضا بشرط أن يكون مسلما لا كافرا، خلاف ما قال أحمد؛ لأن تعليقه عليه يؤدي إلى امتهانه. ويجوز تعليقه على بهيمة لدفع عين حاصلة أو متوقعة. وفي الحطاب عن ابن فرحون: ولا بأس بما يعلق في عنق الصبي والحائض من القرآن إذا خرز عليه أو جعل في شمع، ولا يعلق وليس عليه ساتر، ولا بأس أن يعلق ذلك على الحامل. انتهى.

تنبيه. اعلم أنه لا بأس بالاسترقاء من العين وغيرها كاللدغة والوجع، والعينُ سم يجعله الله في عين العائن إذا تعجب من شيء ونطق به ولم يبارك فيما تعجب منه. والأصل في الاسترقاء قوله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ}، وفي الموطإ: (أنه عليه الصلاة والسلام أمر بالاسترقاء (١)). الباجي: ولا خلاف في جواز ذلك بأسماء الله تعالى وكتابه، وقال مالك لا بأس أن يعلق على النفساء والمريض شيء من القرآن إذا خرز عليه أديم، وكذا لا بأس بالتعوذ. وقال الأقفهسي: يستحب لقوله تعالى: {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}.

واعلم أن الرقية تكون بشيئين بكتاب الله، - كما مر - والكلام الطيب، وهو العربي المفهوم.

روى الشيخان (أنه صلى الله عليه وسلم كان يعوذ بعض أهله فيمسح بيده اليمنى ويقول: اللهم رب الناس مذهب الباس اشف أنت الشافي لا شفاءَ إلَّا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما (٢))، ولا يرتقى بالمبهمات. لما سئل مالك عن أسماء العجمية فقال: ما يدريك لعلها كفر؟ ولا بأس بمعالجة الريض طلبا للشفاء، لما في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله لم ينزل داء إلَّا أنزل له شفاء (٣))، فيعالج بشرب الدواء بكسر الدال وفتحها مع المد فيهما، وبالقصد والكي وغير ذلك. والحجامة مستحبة في كلّ أيام السنة. ابن رشد: ولصحة إيمان مالك بالقدر، كان لا يكره الحجامة ولا شيئًا من الأشياء يوم السبت والأربعاء، بل يتعمد ذلك فيهما. قاله الشاذلي.


(١) الموطأ، كتاب العين، الحديث: ٣، ٤.
(٢) البخاري، كتاب الطب، رقم الحديث: ٥٧٤٣/ ٥٧٤٢. ومسلم في صحيحه، كتاب السلام، رقم الحديث: ٢١٩١.
(٣) مسند أحمد، ج ١ ص ٤٤٣. والبخاري في صحيحه، كتاب الطب، رقم الحديث: ٥٦٧٨ بلفظ: "ما أنزل الله داء إلَّا أنزل له شفاء".