وضوءه ينتقض. نسأل الله السلامة. اللهم يا عظيم البرهان، ويا ذا الفضل والامتنان، إنا نعوذ بك من زوال الإيمان، بالله يا رحيم يا رحمن، ونستشفع إليك في ذلك بجاه سيدنا محمد الذي نال به أهل الإيمان: محاسن الحور والولدان، عليه أفضل الصلاة والسلام وبجاه كلّ نبي وولى، وإنما بطل الوضوء بالردة نعوذ بالله تعالى؛ لأنَّها محبطة للعمل الذي من جملته الوضوء لقوله تعالى مخاطبا لنبيه صلى الله عليه وسلم مريدا غيره لعصمته هو وسائر الأنبياء من الكبائر والصغائر فضلا عن الإشراك بقوله عزَّ وجلَّ:{لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}. وأما الغسل فلا تبطله الردة على المذهب: وقول الش: إنها تبطله، ضعيف؛ لأنَّها ليست من موجبات الغسل الأربع. وفي العارضة لابن العربي في شرح الترمذي: إن اغتسل وصلى ثم ارتد، فاختلف علماؤنا المالكية هل ينتقض غسله ووضوؤه؟، والصحيح بطلان الكل. وقيل إن الردة لا تبطل الوضوءة قال بعض شيوخنا من القرويين: إذا اغتسل رجل من جنابة، ثم ارتد، ثم رجع للإسلام لا غسل عليه، ولا وضوء إذا ارتد بعد أن توضأ عند ابن القاسم إلَّا استحبابا. وإنما قال بإيجاب الوضوء يحيى بن عمر. والفرق بين وجوب الوضوء بالردة على المشهور، وعدم وجوب الغسل وإن حبط الثواب فيهما أنه بعد الوضوء صار بمنزلة من بلغ حينئذ فوجب عليه الوضوء بموجبه، وهو القيام إلى الصلاة بخلاف الغسل، فإنه لا يجب إلَّا بوقوع سبب من أسبابه. نعم، إذا وقع عليه حال ردته لوجب غسل أو وقع قبلها وارتد قبل الغسل، وجب عليه الغسل بعد إسلامه، ويكون من أفراد قوله. ويجب غسل كافر.
ويشك في حدث يعني أن من أيقن بالوضوء وشك في الحدث يجب عليه الوضوء، وكذا لو أيقن بالوضوء وشك في سبب من أسباب الحدث، فإنه ينتقض وضوؤه بخلاف الشك في الردة فلا يبطل الوضوء كما ذكر أحمد عن بعض شيوخه وقيل ينتقض وضوؤه، والأول هو الموافق لا لعياض، وغيره من أن من أتى بلفظ يحتمل الكفر من وجوه كثيرة ويحتمل الإسلام من وجه واحد فإنه لا تُجرى عليه أحكام المرتد. بل أولى من ذلك. ومعنى ما للشيخ أحمد أنه وقع منه في نفسه الشك، وما لعياض علم الناس أنه أتى بلفظ محتمل. بعد طهر علم الظرف يتعلق بشك، يعني أن شكه في الحدث إنما وقع بعد أن حصلت الطهارة يقينا؛ أي توضأ ثم بعد أن توضأ يقينا