مال بدليل قوله: إن دامت نفقتها ولا شرط لزوجته، وأما التي لها شرط كقوله: إن غبت عنك فأمرك بيدك فأخذها بالشرط أحسن، كان له مال أم لا، وأما ألذي لا مال له ولا شرط فتطلق لعدم النفقة.
الرابع: لابد هنا من ذكر شيء من بيان الولايات التي ترتب عليها الأحكام، وهي سبعة، إحداها: أصلها التي تنبني عليها الستة الأخرى وهي الخلافة العظمى، ويأتي الكلام عليها في باب القضاء إن شاء الله، ثانيتها: القضاء وهو أعظمها بعد الخلافة العظمى وقد مر ما يعلم منه شرح القاضي ويأتي الكلام عليه إن شاء الله، الثالثة: ولاية المظالم قال بعض شراح الزقاقية، والمتولي لرد المظالم بين الناس يكون نظره في تعدي الولاة وجور العمال ورد المغصوبات من أيدي المتغلبة إلى أربابها. انتهى. قال الماوردي: ونظر المظالم هو قود المتظالين إلى التناصف بالرهبة وزجر المتنازعين عن التجاحد بالهيبة، فكان من شروط الناظر فيها أن يكون جليل القدر، نافذ الأمر، عظيم الهيبة، ظاهر العفة، قليل الطمع، كثير الورع، يحتاج في نظره إلى سطوة الحماة، وتثبت القضاة، فيحتاج إلى الجمع بين صفتي الفريقين، وأن يكون بجلالة القدر نافذ الأمر في الجهتين، ولم ينتدب للمظالم من الخلفاء الأربعة أحد لظهور الدين عليهم، ولما تجاهر الناس بالظلم والتغالب احتاجوا إلى ردع المتغلبين وإنصاف المتظلمين، فكان أول من أفرد للمظلمات يوما تصفح فيه قصص المتظلمين عبد الملك بن مروان، فكان إذا وقف على مشكل منها رده إلى قاضيه أبو إدريس الأودي فينفذ فيه أحكامه فكان أبو إدريس هو الباشر وعبد الملك هو الآمر، ثم زاد من جور الولاة وظلم العتاة ما لم يكفهم إلا أقوى الأيدي وأنفذ الأوامر، فكان عمر بن عبد العزيز أول من ندب نفسه للنظر في المظالم فردها، ورد مظالم بني أمية على أهلها، حتى قيل له وقد شدد عليهم فيها وأغلظ: إنما يخاف عليك من ردها العواقب، ثم جلس لها خلفاء بني العباس حتى عادت الأملاك إلى مستحقيها، ويجعل الناظر في المظالم لنظره يوما معروفا يقصده فيه المتظلمون ويراجعه فيه المتنازعون، ليكون ما سواه من الأيام لما هو موكول إليه من السياسة والتدبير، إلا أن يكون من عمال المظالم المنفردين فيها فيكون مندوبا للنظر في جميع الأيام، وليكن سهل الحجاب، نزيه الأصحاب ولابد لناظر المظالم من خمسة لا يستغني عنهم، ولا ينتظم نظره إلا بهم، أحدهم: الحماة والأعوان، الثاني: القضاة والحكام، الثالث: الفقهاء ليرجع إليهم فيما