للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعدم لزومها له خلاف بين الشيوخ، فقال أصبغ وابن الماجشون: لا تلزمه اليمين فلا يحنث إن شرب الخمر أو أكل الخنزير أو لم يصم اليوم الذي عينه له ولا إن لم يصل الصلاة في أول وقتها، وقال مطرف وابن حبيب: تلزمه اليمين فيحنث إن شرب الخمر أو أكل الخنزير أو لم يصم اليوم الذي عينه له أو لم يصل الصلاة في أول وقتها، واقتصر الشيخ الأمير على عدم اللزوم فيفيد اعتماده. والله سبحانه أعلم ومحل القولين (١) إن تعلقت اليمين بمستقبل كما مثلت، وأما إن تعلقت بماض فلا تلزم اليمين اتفاقا لأنَّ الماضي لا يتعلق به الاختيار، فمن أكره على الحلف على أنَّه قد صلى الظهر ولم يكن صلاها فلا يحنث إذ لا اختيار له في الحنث، واعلم أنَّه لا تلزمه هنا كفارة أي فيما إذا تعلقت اليمين بالماضي ولو لم يكن ثمَّ إكراه؛ لأنَّ اليمين حينئذ إما غموس أو لغو كما مر، ومفهوم قوله: "طاعة" أن المكره على اليمين بغير طاعة بأن كانت يمينه فيما لله فيه معصية أو فيما ليس لله تعالى فيه طاعة ولا معصية لا تلزم وهو كذلك أي لا تلزمه اليمين بإتقاف الإمام مالك وأصحابه، مثال ما هو على معصية أن يحلفه الظالم بالطلاق مثلا أن لا يصلي أو يشرب الخمر فيصلي أو لا يشرب الخمر فلا يحنث، ومثال ما ليس بطاعة ولا معصية أن يحلفه بالعتق مثلا أن لا يدخل السوق أو أن يدخل السوق فيدخل أولًا يدخل فلا يحنث أيضًا هذا فيما إذا تعلقت اليمين بالمستقبل، وقد مر الكلام على مسألة المص وأن فيها قولين: أثبت أو نفي، وقد مر أنها إذا تعلقت بماض لا حنث فيها اتفاقا وليست من محلّ القولين. قاله الشبراخيتي. وعبد الباقي. ولم يتعقبه محمَّد بن الحسن، وهو خلاف ما في الحطاب فإنَّه قال: إنها إذا تعلقت بماض تكون على معصية وتكون على طاعة وتكون على ما ليس بمعصية ولا طاعة، مثال ما على معصية أن يحلفه بالطلاق أنك ما صليت اليوم وإلا قتلتك ويكون المحلف بكسر اللام أمره بعدم الصلاة، أو أنك ظلمت فلانا ويكون المحلف أمر الحالف بظلم فلان ويكون الحالف لم يظلم فلانا ويكون صلى، فهذا إذا تحقق الإكراه لا كلام أنَّه لا يلزمه شيء، ومثال ما ليس بطاعة ولا معصية أن يحلفه أنَّه ما دخل السوق أو أنَّه دخل ويكون الحالف خالف في الوجهين، فالظاهر أيضًا أنَّه لا تلزمه اليمين؛ لأنه إذا كان إذا أكره على اليمين أن لا يفعل أو يفعل في المستقبل ما ليس بطاعة ولا معصية لا يحنث، فأحرى أن لا حنث عليه إذا أكره على أن يحلف على أنَّه ما فعل


(١) في النسخ: القول، والمثبت من عبد الباقي: ج ٤ ص ٨٩.