أو في فعل هو داخل في حيز المبالغة يعنى أن الزوج إذا حلف بالطلاق لا يفعل كذا لشئ عينه فأكره على ذلك فإنه لا يلزمه شيء على المشهور، سواء كان الفعل ممنوعا شرعا أو لا، فأما الممنوع شرعا نحو: إن شربت الخمر فأنت طالق أوأنت طالق إن زنيت فأكره على ذلك الفعل المحرم فعدم لزوم الطلاق له هو مذهب المدونة وهو قول سحنون، خلافا لقول ابن حبيب يحنث وهو ضعيف، وهذا الخلاف في الأفعال الممنوعة شرعا إنما هو فيما لم يتعلق به حق لمخلوق كما مثلت به، وكأكل الخنزير والسجود لغير الله والزنى بطائعة غير ذات سيد ولا زوج، وأما ما يتعلق به حق لمخلوق كالقتل والغصب والزنى بالمكرهة أو بذات الزوج أو السيد وشبه ذلك فلا عبرة بالإكراه فيه فهو غير نافع فيه بلا خلاف، وأما الأفعال التي لا تمنع شرعا ففيها طرق أربعة:
أحدها أنه لا يحنث في ذلك اتفاقا إن كانت الصيغة صيغة بر، وأما إن كانت صيغة حنث نحو لأفعلن فهل يحنث أولا؟ المشهور الحنث، وقال ابن كنانة: لا يحنث وهذه طريقة ابن رشد وقد مر أن عدم الحنث هو المشهور وهو الذي مشى عليه المص، وذلك إنما هو في صيغة البر كما عرفت، وأما صيغة الحنث فالمشهور فيها الحنث كما قاله ابن رشد وهو الذي مشى عليه المص في اليمين حيث قال:"ووجبت به إن لم يكره ببر"، قال الشيخ محمد بن الحسن: قول المص: "أو في فعل" يدل على التقييد بصيغة البر؛ إذ الإكراه في صيغة الحنث إنما هو على الترك وهو ليس بفعل في العرف.
الثانية: للخمي قال: إذا حلف بالطلاق أن لا يفعل شيئا فأكره على فعله مثل أن يحلف أن لا يدخل دار فلان فحمل حتى أدخلها أو أكره حتى دخل بنفسه، أو حلف ليدخلنها في وقت كذا فحيل بينه وبين ذلك حتى ذهب الوقت فهو في جميع ذلك غير حانث، فأما إن حمل فلم يحنث لعدم نسبة الفعل إليه، ويختلف إذا أكره حتى دخل بنفسه أو حيل بينه وبينه حتى فات الوقت.
الثالثة: لابن حارث: قال فيمن حلف لا أدخل دار فلان لو حمل فأدخلها مكرها دون تراخ منه ولا مكث بعد إمكان خروجه لم يحنث اتفاقا، وكذا لو أدخلته دابة هو راكبها ولم يقدر على إمساكها زاد في سماع عيسى: ولا نزوله عنها