للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التفات لسانه أي الغلط في ذلك، وأنه إنما قصد نداءها باسمها فإنه يقبل منه ذلك في الفتوى لا في القضاء، فإن أسقط حرف النداء مع إبدال الراء لاما وادعى التفات لسانه أي غلطه لم يقبل منه لحصول الإبدال وعدم النداء، وقوله: "التفات" يقال لفته يلفته لواه وصرفه عن رأيه ومنه اللفت والالتفات كما في القاموس، فالالتفات في المعاني صحيح فلا وجه لدعوى التصحيف في كلام المص. والله تعالى أعلم.

وفي الحديث في قراءة المنافقين: (يلفتونه بألسنتهم كما تلفت الدابة الخلا (١)).

أو قال يا حفصة فأجابته عمرة فطلقها يعني أن من له زوجة تسمى عمرة وله زوجة أخرى تسمى حفصة، فقال مناديا يا حفصة فأجابته ضرتها عمرة فلما أجابته عمرة طلقها أي أوقع عليها الطلاق لفظا لا نية، فإنه لا تطلق عليه عمرة المجيبة، فقوله: "أو قال" عطف على المنفي أي على قوله: "لا إن سبق لسانه" أي ولا يلزمه الطلاق إن قال يا حفصة فأجابته عمرة فطلقها أي عمرة أي لا يلزمه طلاق عمرة المجيبة، وليس المراد أنه لا يلزمه الطلاق بالكلية لأن الدعوة وهي حفصة يلزمه فيها الطلاق، ولهذا قال: فالمدعوة أي لا تطلق عليه عمرة المجيبة وإنما تطلق عليه الدعوة أي التي نوديت وهي حفصة.

وبما قررت علم أن قوله: "فالمدعوة" خبر مبتدأ محذوف والجملة جواب شرط مقدر، (٢) وإذا لم تطلق المجيبة فالمطلقة الدعوة وليس قوله: "فالمدعوة" بيانا لما دل عليه العطف من نفي الطلاق إذ المجيبة هي النفى طلاقها وهذا إذا كان مستفتيا، وأما إن رافعته فإنهما تطلقان عمرة بلفظه وحفصة بقصده، ولهذا قال: وطلقتا بفتح اللام وضمها كنصر وكرم كما في القاموس.

مع البينة أي تطلقان معا إذا رفعته للقاضي أي ادعت أنها طلقت وأنكر هو الطلاق فأقامت البينة على ذلك؛ أي على أنها أجابته فطلقها أو اعترف هو به وادعى في الصورتين أن المقصود بالطلاق حفصة الدعوة دون المجيبة فتطلقان معا عمرة المجيبة وحفصة الدعوة، فالضمير في قوله:


(١) انظر النهاية لابن الأثير ج ٤ ص ٢٥٩.
(٢) في عبد الباقي: جواب شرط مقدر أي وإذا لم تطلق: ج ٤ ص ٨٦.