للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ما إذا فهم الالتزام من قرينة الحال ما إذا كان في مجلسه من يحب إكرامه جدا وليس عنده ما يكرمه به وعندها هي ما يتوصل به إلى إكرامه، فيقول لها: إن أعطيتني كذا فارقتك أو أفارقك، قال مقيد هذا الشرح عفا الله عنه: وإلزام البينونة له هنا حاصل مطلقا فلا يحتاج إلى توريطها فتلزمه البينونة إن أعطته ما سمى أو أي وكذا تلزمه البينونة إن قال لها إن أعطيتني ألفا فارقتك أو أفارقك، وفهم من ذلك الوعد لكن لا مطلقا بل إنما تلزمه إن ورطها أي أدخلها في ورطة أي أمر كريه بأن باعت متاعها أو دارها وما أشبه ذلك.

واعلم أن قوله: "إن فهم الالتزام" راجع للصورتين، كما أن قوله: "أو الوعد" راجع لهما لأن إن تخلص الماضي للاستقبال، واعلم أن الأصل في فارقتك أنها للالتزام وتنصرف للوعد بقرينة، وأن أفارقك الأصل فيها أن تكون للوعد وتنصرف للالتزام بقرينة وقد مر التمثيل للالتزام حيث فهم من قرينة الحال أو المقال، ومثال قرينة المقال في الوعد أن يقول لها أنا لا أخلف الوعد إن أعطيتني ألفا فارقتك أو طلقتك أو أفارقك، وكما لو قالت له: لا تقم من مجلسك حتى تعدني أنك تفارقني إن أعطيتك ألفا مثلا، وتقول له إن الكريم يجيب إلى ما طلب منه، فقال لها إن أعطيتني ألفا فارقتك ونحو ذلك، ومثال قرينة الحال في الوعد أن تكون حالته تقتضي أنه لا يفارقها إلا عن ضرر عظيم يلحقه وتسأله أن يفارقها بشيء تعطيه له، فيقول لها: إن أعطيتني كذا فارقتك وهو بحالة تدل على أنه لا يفارقها حتى يزول ذلك الأمر الذي هو ملجئ له إليها. قاله جامعه عفا الله عنه. والله سبحانه أعلم.

واعلم أن محل التفريق بين الوعد والالتزام إنما هو فيما ليس نصا في إنشاء الطلاق نحو أطلقك أو طلقتك أو فارقتك أو أفارقك أو خالعتك أو أخالعك فيجبر على الفراق حيث فهم الالتزام مطلقا، ويجبر عليه إن فهم الوعد حيث ورطها، وأما ما هو نص في الإنشاء نحو إن دفعت إلي كذا فأنت طالق فتلزم البينونة بالدفع خلافا لما في الخرشي وغيره. قاله الشيخ الأمير. وأشار بقوله: وغيره إلى ما في ابن الحاجب، ومثل إن أعطيتني ألفا فأنت طالق إن فهم الالتزام لزم وإن فهم الوعد ودخلت في شيء بسببه فقولان. انتهى.

قول ابن الحاجب: فقولان، ابن بشير: ولو أدخلها في شيء بذلك الوعد فالمذهب اللزوم، وقال الحطاب في التزامه المرجع في الفرق بين الالتزام والوعد إلى ما يفهم من سياق الكلام وقرائن