استحلوه بذلك الصداق أو لا. تأويلان أي في ذلك تأويلان، وعلى التأويل الأول فإن لم يستحلوه لم يمض إلا أن يكونوا تمادوا على ذلك النكاح قبل الإسلام على وجه صحته في زعمهم، فيمضي أيضا ففي مفهوم الشرط تفصيل.
تنبيهات: الأول: قد علمت أن المسألة الأولى على أربعة أوجه، الأول أن تقبض الصداق ويدخل بها الزوج وهو المشار إليه بقوله:"ومضى صداقهم الفاسد إن قبض ودخل"، وقوله:"قبض" مبني للمفعول؛ وفاعل دخل الزوج ويصح أن يقرأ أيضا بالبناء للمفعول قاله الشارح ولا خلاف في مضي النكاح على هذا الوجه على ما حكاه غير واحد إلا ما أشار إليه بقوله وهل إن استحلوه.
الوجه الثاني وهو ما إذا لم يحصل الأمران حتى أسلما فمذهب المدونة فيه ما قدمته وهو أنه يخير في إعطانها صداق المثل والمفارقة وتكون تطليقة ويصير كمن نكح على تفويض وهو المشهور.
الوجه الثالث وكحو ما إذا قبض الصداق الفاسد قبل الإسلام ولم يدخل بها حتى أسلما. قال الشارح: والحكم فيه أنه كالوجه الثاني نص على ذلك في المدونة وهو المشهور، وقال ابن القاسم وعبد الملك فيما نقله عنهما المتيطي أنها لا شيء لها وهو قول غير ابن القاسم في المدونة. ابن محرز وغيره: وهو خير من قول ابن القاسم في المدونة لأنهم لا يختلفون أن النصراني إذا أسلم وله ثمن خمر أو خنزير أن الثمن له حلال والبضع ها هنا هو ثمن الخمر فهو له حلال. اللخمي:
وهذا القول هو المعروف من المذهب. ابن يونس: فإن قبضت نصفه على هذا القول كان لها نصف صداق المثل، وكذلك في جميع الأجزاء على هذا الحساب، وقال أشهب: يجب لها ربع دينار فإن لم يعطها ذلك فسخ النكاح. قاله في كتاب محمد. وقال ابن عبد الحكم: القياس أن تكون قيمة الخمر والخنزير بمنزلة من تزوج بثمرة لم يبد صلاحها فلم تجذ حتى أزهت أن النكاح لا يفسخ ويكون لها قيمة ذلك. اللخمي: وهو حسن فإن كان قيمة الخمر عشرين وصداق مثلها عشرة لم يلزمها قبول عشرة لأنها دون ما رضيت به، وإن كان صداق مثلها ثلاثين لم يلزمه ذلك لأنها فوق ما رضيت، فالحاصل أن في هذا الوجه أربعة أقوال إن عددنا ما قاله ابن عبد الحكم قولا وإلا فثلاثة. انتهى.