وفي لزوم الثلاث لذمي طلقها وترافعا إلينا الضمير في طلقها يعود على الثلاث؛ يعني أن الذمي إذا طلق زوجته ثلاث تطليقات ولم يفارقها، ثم إنهما ترافعا إلينا راضيين بحكمنا فقد اختلفت أقاويل الأشياخ في ذلك وهي أربعة أقوال: قال فيها: وإذا طلق الذمي امرأته ثلاثا فرفعت أمرها إلى الحاكم فلا يحكم بينهم إلا أن يرضيا بحكم الإسلام، فالحاكم مخير إن شاء حكم أو ترك فإن حكم حكم بينهم بحكم الإسلام وأحب إلي أن لا يحكم بينهم، وطلاق الشرك ليس بطلاق فذهب ابن شبلون إلى أنه يحكم بالثلاث كما يحكم بين المسلمين، وإليه أشار بقوله:"وفي لزوم الثلاث لذمي طلقها": وعلى تأويل ابن شبلون لابد من محلل مسلم بشروطه الشرعية، ولا يراعى كون هذا النكاح صحيحا في الإسلام دون غيره بل تلزمه الثلاث على كل حال، وذهب ابن أبي زيد إلى أنه إن كان العقد صحيحا لزمه الطلاق وإن لم تتوفر فيه شروط الصحة لم يلزمه.
وإلى تأويل ابن أبي زيد أشار بقوله: أو إن كان صحيحا في الإسلام يعني أن ابن أبي زيد تأول المدونة على أنه إنما تلزمه الثلاث إن كان النكاح صحيحا في الإسلام بأن توفرت فيه شروطء النكاح، وعلى هذا التأويل لابد من محلل إن كان صحيحا في الإسلام وإلا فلا يلزمه شيء، وحمل القابسي المدونة على ظاهر لفظها، فقال: نحكم بالفراق مجملا وإلى تأويل القابسي أشار بقوله: أو بالفرق مجملا يعني أن القابسي تأول المدونة على أنا نلزم الذمي بالفراق على سبيل الإجمال فلا نلزمه عددا معينا ونحكم عليه بالفراق وعلى تأويل القابسي هذا فيردها برضاها قبل زوج؛ وعليه فتحل قبل محلل إذا أسلم؛ وتأول المدونة المخزومي وابن الكاتب وغير واحد على أنا لا نلزمه شيئا ولا نفرق بينهم؛ إذ هو حكم أهل الإسلام في طلاق الكفر، وإلى هذا أشار بقوله: أولا يعني أن المخزومي وابن الكاتب وغير واحد تأول المدونة على أنا لا نلزم الزوج الذمي شيئا بل نتركهم ولا نفرق بينهم إذ هو حكم أهل الإسلام في طلاق الكفر، قال الشيخ محمد بن الحسن: واستظهره عياض فيظهر رجحانه في ذلك تأويلات أربع، وقد مر أن الحاكم إن شاء حكم وإن شاء ترك، لقوله تعالى:{فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ}.
قال جامعه عفا الله عنه: تقدم قول المدونة: إن شاء حكم أو ترك، وإذا تأملت قولها فقول المص:"أولا" معناه لا نلزمه طلاقا ولا فراقا، وليس معناه لا نتعرض لهم؛ إذ يصير معنى ما في