وإجماعا أن يغسل رجليه وقال بعض القدرية والروافض بالمسح، ولا يجوز الغسل، وحكي عن ابن عباس، وعن الطبري أنه قال بالتخيير بين الغسل والمسح، وبه قال داوود، وهذه المذاهب كلها باطلة بالإجماع.
واعلم أن قوله تعالى:{وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} قرئ بالنصب وبالجر، أما النصب فبالعطف على وجوهكم، وأما الجر فبالعطف على رؤوسكم، ويكون المراد بالمسح الغسل كما يقال: تمسحت للصلاة والمراد الغسل، وعبر بالمسح عن الغسل إذ كانتا مظنة الإسراف في الماء فيقتصد في صبه عليهما، أو المراد المسح على الخفين، وحكي عن سيبويه والأخفش وجماعة من الفقهاء والمفسرين أنه مخفوض بالمجاورة، وخالفهم المحققون في ذلك؛ لأن حرف العطف حاجز بين الاسمين مبطل للمجاورة، ورأوا أن الحمل على ذلك حمل على شاذ ينبغي صون القرآن عنه، وقالوا الخفض في الآية إنما هو بالعطف على رؤوسكم، فقيل الأرجل مغسولة لا ممسوحة فأجابوا بالوجهين المتقدمين، وقوله (بكعبيه) الباء بمعنى مع متعلقة بغسل؛ يعني أن المتوضئ كما يجب عليه غسل رجليه، يجب عليه أن يغسل كعبيه، والمراد بالرجل جميع القدم للناتئين يعني أن الكعبين هما العظمان الناتئان؛ أي المرتفعان الكائنان. (بمفصلي) أي في مفصلي (الساقين) والمفصلان تثنية مفصل بفتح الميم وكسر الصاد على الصواب، وبالعكس اللسان، والساقان تثنية ساق، وهو العظم الذي يتصل القدم بأسفله والفخذ بأعلاه. والله سبحانه أعلم والكعب مأخوذة من التكعب، وهو الظهور والارتفاع: ومنه الكعبة شرفها الله تعالى، وامرأة كاعب مرتفع ثديها.
واعلم أن ما مشى عليه المص من دخول الكعبين في وجوب الغسل هو المشهور، وروى ابن نافع لا يجب إدخالهما. واعلم أن الكعبين الذين إليهما حد الغسل هما العظمان الناتئان بمفصلي الساقين بالإجماع، وليس في ذلك خلاف لا داخل المذهب ولا خارجه، فالعظمان اللذان هما معقد الشراك داخلان في وجوب الغسل بلا خلاف، وإن كان يقال لهما كعبان كما نقله الحطاب عن ابن الفرس والزناتي والشارح. والله تعالى أعلم.
(وندب تخليل أصابعهما) يعني أنه يندب للمتوضئ أن يخلل أصابع رجليه، ويكون بخنصره، وفي حديث: بالمسبحة بادئا بخنصر اليمنى؛ لأنها يمنى أصابعها، وبإبهام اليسرى، لأن إبهامها