والأقاويل: وهذا الذي ذكرناه من أن الخلاف إنما هو في التعبير بالسنة والوجوب إنما ذلك حيث أردنا بيان الراجح في المذهب، وأما إن لم نرد ذلك فلا شك في وجود القول بعدم إعادة العامد أبدا على القول بأنها سنة كما ذكره القاضي عبد الوهاب في المعونة والباجي في المنتقى وعبد الحق في التهذيب وابن رشد في رسم المكاتب من سماع يحيى، ثم قال ولم أو من ذكر في هذه المسألة بخصوصها ترجيح القول بعدم إعادة العامد أبدا، وإنما يذكرونه على أنه قول في المذهب والعمل في كل مسألة على المنصوص فيها.
تنبيهات: الأول في إزالة النجاسة أربعة أقوال: القولان اللذان ذكر المصنف، وذكر ابن رشد قولا بالاستحباب، وفيها قول بالوجوب مطلقا، وقوله:"ولو طرف عمامته" في الأمير ولو طرفا على الأرض لا يتحرك بتحركه فإذا كان الوسط على الأرض نجسا وأخذ كل طرفا بطلت عليهما على الظاهر، وفيه عن شيخه في قوله ولمريض ستر نجس أنه يشترط انفصال الساتر فلا يكفي ستر نجاسة ببعض ثوبه لأنه في حكم الكائن على العضو وظاهره ولو طال جدا.
واعلم أن المصنف في التوضيح نقل عن ابن رشد كلاما وأسقط منه لفظة فسد لها المعنى، فإنه نقل عنه أن من صلى بثوب نجس ناسيا أو جاهلا أو مضطرا أعاد في الوقت فيوهم أن حكم الجاهل بالحكم كالناسي ولفظ ابن رشد أو جاهلا بنجاسة قاله الحطاب؛ يعني أنه لو صلى بالنجاسة جاهلا بحكم إزالتها فإنه تبطل صلاته كالعامد العالم خلاف ما يوهمه كلام التوضيح، وقوله:"مصل" يشمل المفترض والمتنفل فلا يجوز لأحد أن يتعمد صلاة النافلة بالنجاسة فإن فعل لم تنعقد، ولا قضاء عليه لأنه لم تثبت عليه صلاة فطرأت عليها النجاسة عن قصد منه فأشبه من افتتح الصلاة محدثا متعمدا قاله سند، وقال الحطاب: وقد عد الشيخ سعد الدين في شرح العقائد في الأفعال التي تكون ردة الصلاة بغير طهارة.
واعلم أن تجنب النجاسة في الثوب والبدن والمكان إنما يجب عند التلبس بالصلاة أو بفعل تشترط له الطهارة كالطواف، وأما تجنبها في غير ذلك فمستحب كما مر، وقيل إنه فرض إسلامي لا تعلق له بالصلاة لقوله تعالى {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤)} على أحد التأويلات. ابن شعبان يجب على كل مسلم بالغ المحافظة على الطهارة والإقبال على ما يجب عليه فيها فهي من السرائر التي تُبلَى