للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حاشية الموطإ في جامع القضاء: خَرَّج الخطيب البغدادي من طريق حسين الجعفي عن علي بن زيد عن عبد الملك بن عمير عن عبد الله بن عمر بن الخطاب، قال: تخرج الدابة من جبل أجياد (١) في أيام التشريق والناس بمنى، قال: فلذلك جاء سابق الحاج يخبر بسلامة الحاجِّ الناسَ.

قال الحطاب: هذا أصل لقدوم المبشر عن الحاج، وفيه بيان للسبب في ذلك، وأنه كان من زمن عمر بن الخطاب إلا أن البشر يخرج من مكة يوم العيد، وحقه أن لا يخرج إلا بعد أيام التشريق، ثم حكى في السيرة من طريق سفيان بن عيينة عن ابن جريج عن عبد الله بن عبيد بن عمر (٢) عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد أراه رفعه، قال: (تخرج الدابة من أعظم المساجد حرمة فبينما هم قعود تربو الأرض فبينما هم كذلك إذ تصعدت (٣)، قال ابن عيينة: تخرج حين يسير الإمام من جمع، وإنما جعل سابق الحاج ليخبر الناس أن الدابة لم تخرج، فهذه الرواية تقتضي أن خروج المبشر يوم العيد واقع موقعه. والله سبحانه أعلم.

الرابع: قد مر قول محمد في الرعاة إنهم إن رموا النهار أو رموا بالليل أجزأهم، قال الشارح: روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أرخص في ذلك (٤)، ومن العتبية: ابن القاسم عن مالك: ومن تعجل فأفاض ثم انصرف فكان ممره على منى فلم ينفر منها حتى غابت الشمس فلينفر ولا يضره، قال عنه محمد: وكذا لو لم تكن ممره إلا أنه نسي فيها شيئا فرجع له فغابت الشمس فيها فلينفر ولا يضره. قاله الشارح.

الخامس: الأيام المعلومات أيام النحر الثلاثة، والأيام المعدودات أيام الرمي الثلاثة بعد يوم النحر، فيوم النحر الأول معلوم فقط، واليوم الرابع معدود فقط، واليومان قبله معلومان معدودان، وتسمى الأيام المعدودات بأيام التشريق، وسميت بذلك لأنهم كانوا لا يذبحون فيها إلا بعد الشروق أو لتشريق الناس لحوم أضاحيهم ليلا تتغير، أو لأن الناس يبرزون فيها إلى منى وهي في المشرق أقوال. ولمالك كراهة تسمية الأيام المعدودات بأيام التشريق، لأن الله سبحانه سماها بالأيام المعدودات.


(١) في الأصل جياد والمثبت من الحطاب ج ٣ ص ٥٥٣ ط دار الرضوان.
(٢) في الحطاب: عمير، ج ٣ ص ٣٥٣.
(٣) الطبرانى، فى الأوسط، رقم الحديث: ١٦٣٥. وفيه: فبينا هم قعود إذ رنت الأرض بدل تربو الأرض.
(٤) الموطأ، كتاب الحج، الحديث: ٩٣٥.