للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وبما قررت علم أن قوله: "ثلاثين"، معمول ليصوم مقدرا؛ أي فيصوم ثلاثين، وقد علمت أن الشهر يحتمل ثلاثين يوما، ويحتملى تسعة وعشرين يوما، إن لم يبدأ بالهلال؛ يعني أن محل لزوم صوم ثلاثين لمن نذر صوم شهر، إنما هو فيمن لم يبدأ الصوم بالهلال، وأما إن بدأ بالهلال بأن صام أول يوم منه واستمر صائما حتى انقضى ذلك الشهر الذي بدأ بأول يوم منه فإنه يجتزئ به كان ثلاثين يوما، أو تسعة وعشرين يوما، ويلزمه إتمامه إذا كان كاملا، ومن نذر نصف شهر ولا نية له، لزمه خمسة عشر يوما إن لم ينذره بعد مضي النصف، فإن نذر نصفه بعد مضي نصفه كمله حيث كان كاملا، وكذا إن كان ناقصا على المشهور فيكمله خمسة عشر؛ لأنه كمن نذر أربعة عشر ونصفا، وقد مر أن من نذر نصف يوم لزمه إتمامه، وقيل يسقط، ومقابل المشهور أنه يصوم أربعة عشر فقط وهو لابن الماجشون، ووجهه أنه لم ينذر طاعة، وقوله: "فثلاثين"، هو مذهب المدونة، وقال ابن عبد الحكم: يجزئه أن يصوم تسعة وعشرين؛ لأن الأصل براءة الذمة، ومحل الخلاف إن لم يبدأ بالهلال وإلا لزمه إتمامه كاملا أو ناقصا اتفاقا، وعورض ما للمصنف هنا بما في كتاب الحج أن من قال: لله علي هدي أجزأته شاة، فقياس ما هنا أن تلزمه بدنة، وفرق بأن الأصل في الشهر ثلاثون، وأما الهدي فلم يتقرر له أصل فأجزأه أدناه، وبأن المال يشق فلزمه الأقل، ولذا لزم من قال مالي في سبيل الله تعالى ثلث ماله تخفيفا.

وبما قررت علم أن قوله: والأكثر، يدخل فيه ما إذا نذر نصف شهر، أو ثلث شهر، أو ربع شهر، أو نحو ذلك. والله سبحانه أعلم. وابتداء سنة؛ يعني أن الشخص إذا نذر صوم سنة بأن قال: لله تعالى علي صوم سنة؛ وهي الصيغة الآتية، فإنه يلزمه أن يبتدئ صوم سنة كاملة، أي يلزمه أن يصوم سنة كاملة؛ بأن يصوم اثني عشر شهرا، ولا يكتفي بصوم باقي السنة؛ أي بما بين وقت قوله ذلك والمحرم من الزمن، وليس المراد بالابتداء الشروع في الصوم من حين النذر أو الحنث، وحينئذ فالأحسن أن يقول: وأتى بسنة لأنه أصرح في المراد، وإن أجيب عنه بأن المراد بالابتداء الاستيناف والاستقبال لا الشروع، كما أشرت إلى ذلك في أول الحل. والله سبحانه أعلم. وقضى ما لا يصح صومه؛ يعني أن الشخص إذا قال: لله تعالى علي صوم سنة، فإنه يلزمه أن يصوم اثني عشر شهرا، ويلزمه أن يقضي ما لا يصح فيه صوم النذر كالعيدين، وتاليي النحر،