للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ونصه في القول الأول: ثم إن أفطر بعد ذلك متعمدا في قضاء القضاء كان عليه صيام ثلاثة أيام، اليوم الذي كان ترتب في ذمته بالفطر في رمضان وبالفطر متعمدا في صيام التطوع، ويوم لفطره في القضاء متعمدا، ويوم لفطره في قضاء القضاء.

وبما قررت علم أن محل الخلاف في الفطر عمدا؛ لأنه إن أفطر سهوا اتفق على عدم وجوب قضائه كما تفيده الذخيرة، خلافا لمن قال: إن الخلاف جار في فطره سهوا، فإن قيل: التطوع إذا أفطر فيه ساهيا لا يقضيه، وإذا أفطر في قضائه سهوا متعمدا فطر أصله في قضاء ذلك السهو خلاف، فجرى فيه خلاف، ولم يكن كأصله المُفْطَرِ فيه سهوا؟ فَالْجَوابُ أن قضاء التطوع واجب ابتداء بخلافه، وَإن قِيل: القول بعدم وجوب قضاء القضاء فيمن تعمد فطره، والاتفاق على عدم وجوب قضائه بفطره ناسيا كل منهما يشكل على قوله: وقضى في الفرض مطلقا؛ لأن صوم القضاء فرض؟ فَالجَوابُ أنه لما وجب قضاء الأصل بغيره، وألغي اعتباره لحصول الفطر فيه عمدا أو سهوا في كونه قضاء عن الأصل ونائبا عنه لم يطلب قضاؤه، وفارق النفل في وجوب قضائه في الفطر عمدا؛ لأنه لم يأت نائبا عن شيء، وإنما قصد لذاته بخلاف فطره عمدا في قضائه، فإنه مقصود لا لذاته، بل للنيابة عن غيره. قاله الشيخ عبد الباقي. وأدب المفطر عمدا، قوله: "وأدب" بصيغة الاسم، عطف على فاعل وجب؛ يعني أن الشخص إذا أفطر عمدا من غير عذر في رمضان، فإنه يجب تأديبه بما يراه الإمام، من ضرب أو سجن أو هما مع الكفارة، ليُجْمَع عليه عقوبة البدن والمال، وأما في النفل فلا أدب لاختلاف المذاهب، ولو كان فطره يوجب الحد كزنى وشرب خمر لَحُدَّ مع إقامة الأدب والكفارة، وإن كان رجما قدم الأدب عليه. قاله غير واحد. واستظهر المسناوي سقوط الأدب في هذا؛ لأن القتل يأتي علي الجميع وقد أتي علي بالنجاشي الشاعر وقد شرب خمرا في نتهر رمضان، فضربه الحد، ثم ضربه عشرين أو بضع عشرة، وقال: هذا لاجترائك على الله تعالى في شهر رمضان، وجاء أنه ضربه الحد ثم سجنه، ثم أخرجه من الغد فضربه عشرين، وقال: هذه العشرون لجرأتك على الله تعالى وفطرك في شهر رمضان. قاله الشبراخيتي.