للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أوكد العبادات وأفضلها بعد الإيمان ولتقديمها على بقية القواعد في حديث [بني الإسلام على خمس] (١) ما عدا الشهادتين ولم يتكلم المص وكثير من الفقهاء على الشهادتين لأنهما أفردتا بعلم مستقل، وقدم الكلام على الطهارة لأنها أوكد شروط الصلاة التي يطلب المكلف بتحصيلها لسقوط الصلاة عند فقد ما يتطهر به من ماء وصعيد على المشهور وبدأ بالكلام على الماء لأن الطهارة المائية هي الأصل ولا تحصل إلا بالماء المطلق فاحتاج إلى تمييزه من غيره فقال:

يرفع الحدث يعني أن الحدث يرفع عن الشخص بسبب استعماله للمطلق والحدث بفتحتين لغة وجود الشيء بعد أن لم يكن، وشرعا يطلق على أربعة معان أحدها الخارج المعتاد نحو قوله: "نقض الوضوء بحدث" ثانيها الخروج كما في قولهم: من آداب الحدث الاعتماد على الرجل اليسرى والفرق بين هذين كالفرق بين القائم والقيام: ثالثها الوصف الحكمي المقدر قيامه بالأعضاء قيام الأوصاف الحسية نحو قوله: "ومنع حدث صلاة وطوافا". رابعها المنع المرتب على الأعضاء كلا كالأكبر أو بعضا كالأصغر والفرق بين هذين كالفرق بين الذين قبلهما. قال الشيخ محمد بن الحسن: الظاهر أن المنع في الأصغر متعلق بجميع الجسد لا بالبعض وإلا لاقتضى جواز حمل المحدث المصحف على ظهره وهو لا يجوز قوله يرفع الحدث يصح فيه إرادة المعنى الثالث كما تصح فيه إرادة المعنى الرابع، وقد أنكر ابن دقيق العيد المعنى الثالث وقال ذكره بعض الفقهاء وهم مطالبون بدليل شرعي على ثبوته فإنه منفي بالحقيقة والأصل موافقة الشرع لها قوله يرفع الحدث يقدر برفع استمرارُ الحدثِ لا يرفع وقوعُه لأنه لا يرتفع، وبنى المص يرفع للمفعول للعلم بفاعله وهو الله أو النبي صلى الله عليه وسلم بواسطة ما أوحى إليه وحكم الخبث بفتحتين هو عين النجاسة يعني أن حكم الخبث يرفع بالماء المطلق: وحكم الخبث هو الصفة الحكمية التي توجب لموصوفها منع الصلاة به أو فيه فإذا غسل المحل النجس بالماء المطلق حتى زالت العين واللون والريح على ما يأتي فقد أبيحت الصلاة بذلك الثوب مثلا، وإنما قال حكم الخبث لأن عين النجاسة تزول بغير الماء المطلق بخلاف الحكم وإذا زال الحكم زالت العين لا


(١) البخاري، كتاب الإيمان، رقم الحديث. ٨ - مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، رقم الحديث: ١٦.