للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصدقة؛ يعني أن الصدقة إذا وقعت عند أذان الجمعة الثاني فإنها لا تفسخ، والهبة هي العطية لوجه المعطى بالفتح، والصدقة هي العطية لثواب الآخرة، ونَفَى المصنف عن هذه الثلاث؛ يعني النكاح والهبة والصدقة الفسخ؛ وذلك لا يستلزم نفي الحرمة ولا ثبوتها، ومقتضى كلامهم أنها محرمة ولكن لا تفسخ، أشار له الشيخ الحطاب، والشيخ إبراهيم. ومثل الهبة والصدقة، الكتابة، مراعاة لجانب العتق لا المال، ومثلهما الخلع فيما يظهر فيمضي على مقتضى العلة المتقدمة، قاله الشيخ عبد الباقي. قوله: فيمضي على مقتضى العلة المتقدمة؛ أي لعدم رجوع عوض كان له؛ لأن الطلاق نافذ لا يرد. قاله الشيخ محمد بن الحسن. وقال ابن العربي -بعد أن ذكر عن ابن القاسم عدم فسخ النكاح وعدم فسخ الهبة والصدقة: - والصحيح فسخ الجميع؛ لأن المبيع إنما منع منه للاشتغال به، فكل أمر شغل عن الجمعة من العقود كلها فهو حرام شرعا مفسوخ ردعا. انتهى. نقله الإمام الحطاب.

ولما ورد في الخبر: (من ترك الجمعة ثلاث مرات من غير عذر ولا علة طبع الله على قلبه (١)) بطابع النفاق (٢))، بين الأعذار المبيحة لتركها؛ وهي أربعة: ما يتعلق بالنفس، وما يتعلق بالأهل، وما يتعلق بالدين، وما يتعلق بالمال، فقال: وعذر تركها؛ يعني أن من الأعذار المبيحة للتخلف عن الجمعة شدة الوحل بالتحريك على الأفصح؛ وهو الطين الرقيق الذي يحمل الناس على ترك المداس، هكذا فسره أهل اللغة، وغير الرقيق أولى. قاله الشيخ إبراهيم. والجماعة؛ يعني أن من الأعذار المبيحة للتخلف عن الجماعة في الصلوات الخمس غير الجمعة: شدة الوحل.

وبما قررت علم أن قوله: "شدة وحل"، خبر عن قوله: "وعذر"، ومطر بالجر، عطف على وحل؛ أي شدة مطر؛ يعني أن من الأعذار المبيحة للتخلف عن الجمعة والجماعة في الصلوات الخمس غير الجمعة شدة المطر؛ أي الذي يحمل الناس على تغطية رؤوسهم، والواو فيه بمعنى" أو، قاله الشيخ إبراهيم. أو جذام بالجر، عطف على "وحل"؛ أي شدة جذام؛ يعني أن من


(١) الموطأ، كتاب الجمعة، رقم الحديث: ٢٤٨.
(٢) في التمهيد لابن عبد البر ج ٦ ص ٣٧٨ من ترك الجمعة ثلاثا من غير عذر كتب منافقا.