دفعة؛ يعني أنه لابد في القصر أيضا من أن تكون المسافة قد قصدت دفعة أي مرة واحدة، واحترز بذلك عما إذا خرج إلى سفر طويل إلا أنه نوى أن يسير ما لا تقصر فيه الصلاة، ثم يقيم أربعة أيام، ثم يسير ما بقي من المسافة، فلا شك في إتمامه في مقامه. وهل يقصر في سيره ويلفق بعضه إلى بعض؟ قولان، القول بالإتمام لابن القاسم في العتبية وابن المواز، وقال ابن الحاجب: إنه الأصح، ولذا اقتصر عليه المصنف. والقول بالقصر لابن الماجشون، وسحنون. قاله الإمام الحطاب. وسيأتي ما هو كالصريح في أنه إذا نوى مسافة القصر إلا أنه حين النية متردد في الإقامة القاطعة للسفر بموضع خلالها ليس بينه وبين ابتداء سفره المسافة، فإنه لا يقصر حتى يجاوزه. والله سبحانه أعلم. وقوله:"دفعة"، مفعول مطلق لفعل محذوف؛ أي يدفعها دفعة ومعنى يدفعها يوقعها؛ لأن دفعة وطورا ومرة ونحوها، مصادر منصوبة على المفعولية المطلقة. كما قاله ابن الحاجب. قاله الشيخ إبراهيم. وقوله:"دفعة"، بفتح الدال. وبما قررت علم أن المراد بقوله:"دفعة"، أن لا ينوي في ابتداء سير إقامة توجب الإتمام قبل تمام المسافة، وليس المراد أنه يقطعها دفعة واحدة. وفي شرح الشيخ عبد الباقي: ثم قصدها دفعة، إنما يعتبر من مسلم، بالغ، عاقل، غير متلبس بمانع كحيض ونفاس؛ فإن زال مانع كل أثناء السفر قصر، إن بقي منه مسافة قصر وإلا أتم. انتهى المراد منه. وقال الرجراجي في شرح كتاب الصلاة الثاني من المدونة: اختلف المذهب في من سافر مسافة تقصر فيها الصلاة، ثم أسلم أثناءها إن كان نصرانيا، أو احتلم إن كان صبيا، أو كانت امرأة فسافرت وهي حائض ثم طهرت في أثناء المسافة، فمشهور المذهب أنهم يتمون الصلاة ولا يقصرون، ويتخرج في المذهب قول أنهم يقصرون. المازري: قال في السليمانية في النصراني يقدم من مصر يريد القيروان فأسلم بقلشانة: إنه يتم، قال: لأن الباقي من سفره لا يقصر فيه، وهذا يقتضي أن يراعى مقدار السير من حين البلوغ في أثناء السفر وكذا يُراعى في حق المجنون إذا عقل في أثناء السفر. قال بعض أشياخي: وفي طهر الحائض نظر، وعندي أنه لا يصح الفرق بينها وبين ما تقدم؛ لأنها غير مخاطبة بالصلاة أيام حيضتها إجماعا، والكافر مخاطب بالصلاة وغيرها من فروع الشريعة بشرط تقدم الإيمان عند جماعة من أهل