للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا بعد فجر؛ يعني أنه لا يكره الكلام بعد انصداع الفجر وقبل صلاة الصبح، وكان الإمام مالك يتحدث ويسأل بعد طلوع الفجر حتى تقام الصلاة، ثم لا يجيب بعد الصلاة حتى تطلع الشمس. قال التادلي: فيقوم من هذا أن الاستغفار والذكر في هذا الوقت أفضل من قراءة العلم فيه، وقال الأشياخ: تعلم العلم فيه أولى، قلت: وهو الصواب، وبه كان بعض من لقيناه يفتي ولاسيما في زماننا اليوم لقلة الحاملين له على الحقيقة. وسمع ابن القاسم مرة: صلاة النافلة أحب إلي من مذاكرة العلم. ومرة العناية بالعلم بنية أفضل. قلت: وبهذا أقول، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث ولد صالح يدعو له، وصدقة جارية. وعلم ينتفع به بعد موته (١)). انتهى. نقله الإمام الحطاب، عن ابن ناجي. ويكره النوم إذ ذاك لخبر: (الصبحة تمنع الرزق (٢)). قاله الإمام الحطاب أيضا. وقد تقدم قوله في الحديث الشريف: (وجلس في مصلاه) الخ، قال سيدي محمد بن أبي جمرة في شرح قوله عليه الصلاة والسلام: (الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه [ما لم يحدث (٣)] تقول اللهم اغفر له اللهم ارحمه (٤)): هل يعني به الموضع الذي أوقع فيه الصلاة أو البيت أو المنزل الذي جعله لمصلاه؟ فالجمهور أنه موضع سجوده وقيامه، وقال بعضهم: إنه البيت الذي اتخذه مسجدا لصلاته وإن لم يجلس في الموضع الذي أوقع فيه الصلاة، مثاله إذا صلى في المسجد ثم انتقل من الموضع الذي صلى فيه ولم يخرج من المسجد، أنه تدعو له الملائكة وكثير بين مجمع عليه، وقول واحد. انتهى. وقوله: ما لم يحدث؛ أي الحدث الذي ينقض الطهارة، والظاهر أن هذا في كل الصلوات فرضا كانت أو نفلا، وهذا أيضا في حق المصلي الصلاة الشرعية المثاب عليها، لا التي تلعنه، ومن قبل بعض صلاته ولم يقبل البعض، الظاهر أنه يرجى له ذلك ببركة دعاء الملائكة، وفيه دليل على فضيلة الصلاة على غيرها يؤخذ ذلك من كون الملائكة تستغفر له بعد فراغه منها، وإن كان في شغل آخر


(١) مسلم، كتاب الوصية، رقم الحديث: ١٦٣١.
(٢) مسند أحمد، ج ١ ص ٧٣.
(٣) ساقطة من الأصل.
(٤) البخاري، كتاب الصلاة، رقم الحديث: ٤٤٥.