للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بينهما بالزمن الطويل؟ قولان، والقول باشتراط الاتصال لابن القاسم في العتبية، ومقابله رواه ابن نافع عن مالك، ونقل أيضا عن ابن القاسم: ومن أتى المسجد يصلي الأشفاع مع الإمام فدخل معه فإذا هو في الوتر. ابن رشد: يشفعه كما يشفعه إذا أوتر مع الإمام قبل أن يصلي العشاء. المواق: انظر على هذا في ليالي الإحياء: من أوتر أول الليل، ثم أتى المسجد آخر الليل. فعلى هذا إذا سلم الإمام من ركعة الوتر قام هذا الذي كان أوتر، فشفع هذا الوتر الذي صلاه مع هذا الإمام، وربما تجد العوام ليالي الإحياء إذا نودي بالشفع والوتر تركوا القيام مع الإمام لركعتي الشفع فضلا عن ركعة الوتر. وهذا لا ينبغي. انتهى. واعلم أنه لا يصلى الشفع بنية الوتر، ولا الوتر بنية الشفع على المشهور، خلافا لأصبغ، ومن أدرك مع الإمام ركعة من الشفع لم يسلم معه ويصلي معه الوتر، فإذا سلم الإمام من الوتر سلم معه ثم أوتر إلا أن يكون إمامه لا يسلم من شفعه ففي سلام هذا مع الإمام قولان، قال الشيخ أبو محمد وغيره: ومعنى قولهم: إنه يصلي الوتر معه، يحاذي ركوعُه وسجودُه ركوعَ الإمام وسجودَه، فأما أن يأتم به فلا؛ لأنه يكون محرما قبل إمامه قاله الشيخ ميارة.

منفصل بسلام؛ يعني أنه يندب الفصل بين الشفع والوتر بسلام، والأصل في هذا ما أخرجه البخاري ومالك عن عائشة رضي الله عنها (أنه صلى الله عليه وسلم كان يسلم في الركعتين من الوتر حتى يأمر ببعض حاجته (١)). وقوله: "منفصل بسلام"، هذا حيث كان يصلي وحده أومع إمام يفصل، وإلا وصل، ولهذا قال: إلا لاقتداء بواصل؛ يعني أن محل ندب الفصل بين الشفع والوتر بسلام إنما هو حيث لم يقتد بواصل بينهما، وأما إن اقتدى بمن يصل الوتر بالشفع ولا يسلم بينهما فإنه يصل وتره بشفعه؛ أي لا يسلم من شفعه لأجل متابعة الإمام كحنفي فيصله معد على المشهور، فإن علم حين الدخول بوصله نوى بالأوليين الشفع وبالأخيرة الوتر، وإن كان الإمام ينوي الوتر بذلك كله وإن لم يعلم ونوى خلفه الشفع فقط أحدث نية للوتر من غير نطق


(١) لم نطلع على هذا الحديث بهذا اللفظ في البخاري والموطإ وإنما وجدنا فيهما عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يسلم بين الركعتين والركعة في الوتر حتى يأمر ببعض حاجته.