للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وأيامها، والشعر وأيام الناس، وكان ينزل خلف دار جعفر بن سليمان

الهاشمي، وكانت دفاتره ملء البيت إلى السقف ثم تنسك فأحرقها.

وقال فيه الفرزدف:

ما زلتُ أفتحُ أبوابًا وأغلقها ... حتى أتيت أبا عمرو بن عمارِ

وروى أبو العيناء عن الأصمعي قال: قال لي أبو عمرو: لو تهيأ

لي أن أفرغ ما في صدري من العلم في صدرك لفعلته، لقد حفظت في

علم القرآن أشياء لو كتبت ما قدر الأعمش على حملها، ولولا أن ليس

لي أن أقرأ إلا بما قرأ لقرأت حرف كذا وكذا ... وذكر حروفًا. قال

أبو بكر بن مجاهد: كان أبو عمرو مقدمًا في عصره، عالمًا بالقراءة

ووجوهها، قدوة في العلم باللغة، إمام الناس في العربية، وكان مع

علمه باللغة وفقهه في العربية متمسكًا بالآثار لايكاد يخالف في اختياره ما

جاء عن الأئمة قبله، متواضعًا في علمه، قرأ على أهل الحجاز وسلك

في القراءة طريقتهم، ولم تزل العلماء في زمانه تعرف تقدمه وتأتم في

القراءة بمذاهبه، وكان حسن الاختيار سهل القراءة غير متكلف، يؤثر

التخفيف ما وجد إليه السبيل. وقال شجاع بن أبي نصر: رأيت النبي

- صلى الله عليه وسلم - في النوم فعرضت عليه أشياء من قراءة أبي عمرو فما رد علي

إلا حرفين. وروى نصر بن علي الجهضمي عن أبيه قال: قال لي شعبة:

انظر ما يقرأ به أبو عمرو ومما يختار لنفسه فاكتبه فإنه سيصير للناس

أستاذًا. وقال إبراهيم الحربي: كان أهل العربية بالبصرة أصحاب هوى

إلا أربعة كانوا أصحاب سنة: أبو عمرو، والخليل، ويونس بن حبيب،

والأصمعي. وقال اليزيدي ومحمد بن حفص: تكلم عمرو بن عبيد في

الوعيد سنة، فقال أبو عمرو: إنك لألكن الفهم إذ صيرت الوعيد في

أعظم شيء مثله في أصغر شيء، فاعلم أن النهي عن الصغير

والكبير ليسا سواء، وإنما نهى الله عنهما ليتم حجته على خلقه،

<<  <  ج: ص:  >  >>