ما رأيت أحدًا أقرب شبهًا بابن شهاب من يحيى بن سعيد الأنصاري،
ولولاهما لذهب كثير من السنن.
وقال ابن المديني: لم يكن بالمدينة بعد كبار التابعين أعلم من ابن
شهاب ويحيى بن سعيد وبكير بن الأشج وأبي الزناد. وقال أبو
حاتم الرازي: يحيى بن سعيد يوازي الزهري.
وقال يحيى القطان، عن سفيان: كان يحيى بن سعيد الأنصاري
أجل عند أهل المدينة من الزهري. وقال الليث، عن عبيد الله بن عمر:
كان يحيى بن سعيد يحدثنا فيسح (١) علينا مثل اللؤلؤ، فإذا طلع ربيعة
قطع حديثه إجلالا لربيعة. وقال عبد الله بن صالح، عن الليث قال:
أول ما أتي يحيى بن سعيد بكتب عِلْمه فعرضت عليه فاستنكر كثرته؛
لأنه لم يكن له كتاب، فكان يجحده حتى قيل له: نعرض عليك فما
عرفت أجزته. قال: فعرفه كله. قال الثوري: حفاظ الناس أربعة:
إسماعيل ابن أبي خالد، وعاصم الأحول، ويحيى بن سعيد
الأنصاري، وعبد الملك بن أبي سليمان. وقال ابن عيينة: كان محدثو
الحجاز: ابن شهاب، ويحيي بن سعيد، وابن جريج يجيئون بالحديث
على وجهه. وكان يحيى القطان لا يقدم على يحيى بن سعيد أحدًا
ويقول: الزهري يختلف عنه، ويحيى بن سعيد لم يختلف عنه. وقال
وهيب: قدمت المدينة فلم أر أحدًا إلا وأنت تعرف وتنكر غير مالك
ويحيى بن سعيد. وقال حماد بن زيد: قيل لهشام بن عروة: سمعت
كذا من أبيك؟ قال: لا، ولكن حدثني العدل الرضى الأمين- عدل
نفسي عندي- يحيى بن سعيد أنه سمعه من أبي. وقال النسائي: ثقة
ثبت. وقال عبد الله بن بشر الطالقاني: سمعت أحمد بن حنبل يقول:
يحيى بن سعيد الأنصاري أثبت الناس. قال محمد بن سلام الجمحي،
(١) أي يصب. انظر اللسان (مادة: سحح).