للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكونان إيجابين أو سلبين، فالأول: هو النقيضان، والثاني: إما أن يمكن خلو المحل عنهما، وإما أن لا يمكن، والأول: هما الضدان؛ كالسواد والبياض، والثاني: هما في معنى النقيضين؛ وإن كانا ثبوتَين؛ كالوجوب، والإمكان، والحدوث والقِدم، والقيام بالنفس، والقيام بالغير، والمباينة، والمجانبة، ونحو ذلك.

ومعلوم أن الحياة، والموت، والصمم، والبَكَم، والسمع؛ ليس ممَّا إذا خلا الموصوف عنهما وصف بوصف ثالث بينهما؛ كالحمرة بين السواد والبياض؛ فعُلم أن الموصوف لا يخلو عن أحدهما، فإذا انتفى؛ تعين الآخَر.

الوجه الرابع: المحل الذي لا يقبل الاتصاف بالحياة، والعلم، والقدرة، والكلام، ونحوها؛ أنقص من المحل الذي يقبل ذلك ويخلو عنها، ولهذا كان الحجر ونحوه؛ أنقص من الحي الأعمى.

وحينئذٍ؛ فإذا كان الباري مُنزها عن نفي هذه الصفات - مع قبوله لها -؛ فتنزيهه عن امتناع قبوله لها أَوْلى وأحرى، إذ بتقدير قبوله لها؛ يمتنع منع المتقابلين، واتصافه بالنقائص؛ ممتنع، فيجب اتصافه بصفات الكمال.

وبتقدير عدم قبوله؛ لا يمكن اتصافه لا بصفات الكمال ولا بصفات النقص؛ وهذا أشد امتناعاً؛ فثبت أن اتصافه بذلك؛ ممكن، وأنه واجب له، وهو المطلوب، وهذا في غاية الحسن.

<<  <   >  >>