للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هو مقتضى قول مجاهد، ويدل على هذا - أيضاً -؛ قوله: (عرضت المصحف - المصحف مثلث الميم (١)، أي: القرآن الكريم، فالمصحف اسم لما كُتب فيه جميع القرآن - على ابن عباس من فاتحته إلى خاتمته أقف عند كل آية، وأسأله عن تفسيرها) (٢) فيه دلالة على أن القرآن كلَّه يمكن فهمه، ويمكن السؤال عن معناه، ولو كان في القرآن ما لا يمكن فهم معناه لما صح السؤال عنه كله، ومعنى كلام مجاهد أنه يسأل ابن عباس عمَّا يخفى معناه مِنْ المعاني الدقيقة، والمعاني الشرعية التي يختص بعلمها الراسخون في العلم؛ كابن عباس رضي الله تعالى عنهما.

إذاً؛ فهذان قولان في الآية، من حيث القراءة، ومن حيث التفسير، فالجمهور على أن الوقف على قوله: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ﴾ ومقتضى ذلك: أن الراسخين في العلم لا يعلمون تأويل المتشابه، والقول الثاني: أن الوقف على قوله: ﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ ومضمون هذا: أن الراسخين في العلم يعلمون تأويل المتشابه.

وهذان القولان بينهما تقابل بالسلب والإيجاب، والسلبُ والإيجاب نقيضان، فبينهما تعارض في الظاهر، ولكن في الحقيقة أنه لا تعارض بينهما، وهذا ما يريد الشيخ أن يقرره بقوله:


(١) أي يجوز فيها: الضم، والفتح، والكسر. انظر: «إكمال الإعلام بتثليث الكلام» ١/ ١٥.
(٢) رواه الطبري في «تفسيره» ١/ ٨٥، وبنحوه رواه ابن أبي شيبة في «المصنف» ١٥/ ٥٥٨، والدارمي ١/ ٢٧٠.

<<  <   >  >>