للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ويُحكى أنَّ أعرابياً دَخَلَ البَصرةَ فرأى المُؤذِّنِيْنِ على مَكانٍ يُؤَذِّنونَ، فقالَ لِرَجُلٍ: ما يَقولُ هؤلاءِ؟ فقالَ لَهُ الرَّجُلُ: هَؤلاءِ يَتَمَنَّوْنَ حوائِجَهُمْ فَتُقْضَى، قالَ: فإنَّ لي حاجَةً أُرِيْدُ أَتَمَنَّاها، قَالَ: وما هي؟ فأَنْشَدَهُ أبْيَاتاً تَتَضَمَّنُ حاجَتَهُ، فاسْتَحْمَقَهُ الرَّجُلُ، ثُمَّ جَاءَ إلى رَئيسِ المُؤَذِّنِيْنَ فقالَ: هاهُنَا أعْرَابِيٌّ يُؤذِّنُ جَيِّداً، فَإنْ رَأَيْتَ أنْ تُجَرِّبَهُ ثُمَّ تَجْعَلُهُ مِنْ أَصْحابِكَ، قالَ: فادْعُهُ، فَدَعَاهُ، فقالَ لَهُ: أسْمِعْنَا ما عِنْدَكَ، فَجَعَلَ يَدُورُ على ذلكَ العُلُوِّ ويُنْشِدُ:

جَزَى اللهُ عَنَّا ذاتَ بَعْلٍ تَصَدَّقَتْ ... على عَزَبٍ حَتَّى يكونَ له أهْلُ

وإنَّا سَنَجْزيها بما صَنَعَتْ بنا ... إذا ما تَزَوَّجَتْ ولَيْسَ لها بَعْلُ

أفِيْضوا على عُزَّابِكم بِنِسَائِكُمْ ... فما في كِتَابِ اللهِ أَنْ يُحْرَمَ الفَضْلُ

قالَ: فَلَعَنَهُ الرِّجالُ وأَلْقَوْهُ عن ذلكَ المكانِ، وأمَّا النِّساءُ فَتَأَسَّفْنَ علَيْهِ وقُلْنَ: ما أَحْسَنَ ما قَالَ! وما أَذَّنَ أَحدٌ أَحْسَنَ مِنْه.

قَوْلُهُ:

<<  <   >  >>