للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وبخاصة بعد أن افتقد سائر مصادر التموين «إلا أننا أخفينا آلامنا المبرحة وراء ابتساماتنا المرحة»، وقد ذكر فيما بعد «حتى لا ينتصر أعداؤنا».

وإذا ذكرنا المخلصين للقيصر وحفظه سره جاء رئيس طائفة الألمان وهو «هرمان فون سلزا» والجراف اللنجوباردي «توماس فون أكوين» والرجل العربي الشريف «فخر الدين» الذي سبق له بصفته السفير المصري لسلطان مصر لدى القيصر أن عرض عليه في قصره المعروف باسم «فوجيا» بإقليم أبوليا إبرام معاهدة صلح تسلم بمقتضاها القدس إلى القيصر، واستطاع هذا السفير العربي المصري برقته ولباقته وحسن سياسته إقناع القيصر بوجهة نظره واكتساب ثقته وصداقته، مما اضطر القيصر فريدريش إلى الاطمئنان إليه واطلاعه على جميع أسراره.

لكن حدث في تلك الفترة أن تغير الوضع الذي دفع السلطان إلى التقدم بهذا العرض، إذ أصبح السلطان الكامل ليس في حاجة ماسة إلى مساعدة القيصر فريدريش الثاني، فلماذا إذن هذا التساهل من جانبه إلى فريدريش؟ وعلاوة على ذلك فقد حصل هو على القدس دون حرب أو مساعدة.

ثم نجد القيصر، قيصر أوربا، يجيب سلطان العرب عن طريق كبير أمنائه: «لم نعبر البحر لفتح بلادكم فإننا نملك من البلاد أكثر من أي ملك على ظهر البسيطة، بل لتحقيق اتفاقنا الخاص بالأماكن المقدسة إجلالا للسلام والوئام، ولا داعي للنزاع مع المسيحيين ولا ضرورة لإراقة دماء رعاياكم». فاستقبل السلطان كبير الأمناء استقبالًا عظيمًا وأكرم وفادته إلا أن السلطان أهمله بطريقة مهذبة، وكان تبادل زيارات الرسل بين العاهلين مقصورًا على تبادل الهدايا وإبداء علامات الود والصداقة، فقد أهدى السلطان الكامل للقيصر هدايا عظيمة جدًا من بينها جمال للسباق فجياد عربية وفيلة وقردة وصقور للصيد وأحجار كريمة نادرة، وأقمشة حريرية مقصبة، وفريدريش الثاني يدرك تمام الإدراك المستوى العقلي الرفيع للسلطان الكامل وحاشيته والمتصلين به، فأرسل إليه عددًا من الأسئلة العلمية

<<  <   >  >>