للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

بفضل الثقافة العربية والحضارة العربية الإسلامية.

وقد كلف القيصر رسوله «جربرد فون كريمونا» بالتوجه إلى طليطلة لإحضار الماجسطي ليطليموس، فحدث أن استولت عليه الدهشة من عظمة العلوم العقلية العربية والثقافة الإسلامية فآثر البقاء على العودة فأقام هناك عشرين عامًا، ولم يقتصر على ترجمة الماجسطي من العربية إلى لغة علماء أوربا بل ترجم أكثر من ثمانين كتابًا أحضرها معه إلى بلده، قبل أن يتوفى في كريمونا عام ١١٨٧ م، أعني بعد مائة عام من انتقال قنسطنطين إلى الدار الآخرة.

إن ما ترجمه «جريرد» وأحضره إلى وطنه كان من خير الكتب وأحسنها، ومن بينها الكتاب الملكي وبعض المصادر العربية الطبية التي تأتي في المرتبة الثانية، وكان قد أحضرها سابقًا. أما كتب الطب العربي التي ترجمها «جريرد» وجاء بها إلى بلده فكانت خليطًا من شتى الكتب ولكثيرين من المؤلفين أمثال: أبقراط وجالينوس والتي نقلها حنين بن إسحق إلى العربية، إلى جانب الشروح العربية التي كتبت عليها كتلك التي وضعها ابن رضوان. أما المؤلفات الأخرى فكانت أمهات الكتب العربية في شتى العلوم والآداب العربية، ومن بينها كتاب المنصوري للرازي وكتاب الجراحة لأبي القاسم والقانون لابن سينا.

ومن ثم أخذ سيل التراجم والترجمة يتدفق من إسبانيا وصقلية وشمال إيطاليا. ومن مدينة «بادوا» جاء كتاب الكليات لابن رشد وهو يعرف اليوم في اللاتينية باسم (colliget)، كذلك كتاب التيسير لابن زهر وقد ترجم مرتين. وفي عام ١٢٧٩ جاء من صقلية كتاب الحاوي وهو الكتاب العظيم للرازي ويسمى (Continens Rha-sis) وقد قام بترجمته اليهودي الذي تربى في سالرنو واسمه فرج بن سليم، وقد صرف فيه نصف حياته مترجمًا، أعني حتى القرن السادس عشر. ثم جاء شيء جديد لم يكن معروفًا من قبل، وهو قديم قدم قانون ابن سينا ومشهور شهرته، أعني كتاب زاد المسافر، كما أن مؤلفات الرازي وابن رشد ترجمت أكثر من مرة.

وهكذا بعثت في أوربا نهضة عقلية، ومن ثم أخذت تتطور وأصبحت ضرورة لا بد منها لجميع المشتغلين بالعلوم.

<<  <   >  >>