للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لقد استخدم أبناء موسى كثيرين من العلماء من بينهم حنين بن إسحق وإسحق ابن حنين ابنه وحفيده حبيش بن الحسن، وقد كان هؤلاء من أكثر وأجود العلماء إنتاجًا، ولا يفوتنا أن نذكر من أشهر المترجمين أيضًا الذين عملوا لأبناء موسى ثابت ابن قرة وكان صابئيًا من الذين يقدسون النجوم والأجرام السماوية. فهذا الشاب العربي الذي أصبح فيما بعد عالمًا فذًا كان قد اهتدى إليه محمد بن موسى، فقد حدث أن محمدًا في رحلة من رحلاته الاستطلاعية بحثًا عن المخطوطات توجه إلى اليونان وآسيا الصغرى وعند عودته مارًا بحران التقى في «كفر توتة» بهذا الشاب الذي كان يعمل صرافًا في محل له صغير، وكان إلى جانب إلمامه بالنقود عالمًا بعدة لغات، فكان هذا الشاب هو الذي يبحث عنه محمد بن موسى بهو خبير بالحساب ومترجم قدير أحضره معه إلى بغداد واتخذه تلميذًا له في منزله وقدمه إلى الخليفة المعتضد، فأعجب الخليفة بهذا الصابئي وقدمه على سائر علمائه فترجم ثابت بن قرة عددًا من الكتب الفلكية والرياضية والطبية إلى بني موسى وهذه الكتب لمشاهير العلماء أمثال: «أرشميدس» و «أبولونيوس» و «تيودوسيوس» و «أويقليد» و «أرسطو» و «أفلاطون» و «جالينوس» و «بوقراط»، كما ترجم حنين وابنه وصححها، ثم انصرف بعد ذلك إلى تأليف الكتب فوضع ما يقرب من مائة وخمسين كتابًا عربيًا وعشرة في السريانية حول الفلك والرياضة والطب، فوضعته هذه المؤلفات وذلك الإنتاج لا في مقدمة علماء عصره فقط بل زعيمًا للعلوم الإسلامية قاطبة.

لقد تحدثنا عن سيرة بني موسى لا رغبة في الإفاضة فيها فهم أشهر مما نتصور، فمن بين خمسمائة وأربعة وثلاثين فلكيًا عربيًا حفظ لنا التاريخ أسماءهم، وهذا عدد يندر أن نجده بين أبناء أمة راقية أخرى في العالم، ونقرر أن بني موسى وغيرهم من أبناء جلدتهم قد ساهموا مساهمة كبرى في بعث النهضة العلمية الأوربية.

لكن حياة الإخوة الثلاثة تشع علينا إشعاعات خاصة فدراسة حياة هؤلاء الإخوة العلمية تلقي ضوءًا قويًا على كل مقومات الدراسات التي اعتمد عليها العلماء المسلمون في سبيل النهوض بعلم الفلك منذ أن خرس اليونان إلى غير رجعة. لقد

<<  <   >  >>