للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَوصَّلُ بالرُّكبانِ حِينًا وتُؤلِفُ الـ ... ـجِوارَ ويُغشيها الأَمانَ رِبابُها (١)

اللفظُ للخَمرِ، والمعنى للخمَّار، أي: يتوصلُ الخمَّارُ بالرَّكبِ ليسيرَ معهم، ويأَمنَ بِهم. وكذلك قول أبي ذؤيب:

أَتَوها بِربحٍ حَاولتهُ فَأَصبَحتْ ... تُكفَّتُ قد حَلَّتْ وساغَ شَرابُها (٢)

يريدُ أَتوا صاحِبَها بِربحٍ فأَقامها مَقامه. (٣) وما ذكره ابن قتيبة في هذا الباب قد خرَّجَهُ بعضُ العلماءِ على المبالغةِ، أو المَجازِ، دونَ أن يكون هناك حذفٌ، والغرض التمثيل، والأمثلة لدى ابن قتيبة كثيرة (٤)، وقد انتفع به من أتى بعده من المفسرين وأهل البلاغة. (٥)

وأَمَّا المُفسرونَ فقد كان لهم في الاستشهاد بالشعر واستنباط أساليب العرب في كلامه منه جهود ظاهرة، وأمثلته كثيرة، ومن تلك الأمثلة:

١ - من الأمثلة التي تكلم عنها المفسرون مطابقة النعتِ للمنعوت، ومن ذلك قول الطبري عند تفسير قوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ} [الحجر: ٢٢] (٦): «اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة القراء: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ}، وقرأه بعض قراءِ أهلِ الكوفةِ "وَأَرْسَلْنَا الرِّيَحَ لَوَاقِحَ" فوحَّدَ الريحَ وهي موصوفةٌ بالجمعِ (٧)، أعني


(١) يقول: إن تجار الخمر يخشون الإغارة عليهم وانتهابها منهم في سفرهم، فهم يتوصلون من بلد إلى بلد مع القوافل، ويعقدون ذمة الجوار بينهم وبين هؤلاء الركبان ليستأمنوا بهم. انظر: ديوان الهذليين ١/ ٧٣.
(٢) تُكَفَّتُ: تُقبَض. انظر: ديوان الهذليين ١/ ٧٤.
(٣) انظر: تأويل مشكل القرآن ٢١١ - ٢١٢.
(٤) انظر: تأويل مشكل القرآن ١٩٨، ١٩٥، ٢٢٥.
(٥) انظر: الصاحبي لابن فارس فقد أخذ منه وأضاف عليه بعض الأساليب ١٩٨، ٢٤٠ - ٢٤٣، الخصائص لابن جني ٢/ ٤١١ - ٤٣٥ حيث أضاف بعض لأساليب، ووضع مصطلحات جديدة لأساليب قديمة كالحمل على المعنى، وأدخل فيه ما سماه أبو عبيدة الاختصار، وسماه الفراء الإضمار.
(٦) الحجر ٢٢.
(٧) هي قراءة حَمزة، وقرأ الباقون بالجمع. انظر: حجة القراءات ٣٨٢.

<<  <   >  >>