للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا}: «يعني بذلك رجالاً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ماتوا وهم يشربون الخمر قبل أن تحرم الخمر، فلم يكن عليهم فيها جناح قبل أن تحرم، فلما حرمت قالوا: كيف تكون علينا حراماً، وقد مات إخواننا وهم يشربونها؟ ، فأنزل الله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}، يقول: ليس عليهم حرج فيما كانوا يشربون قبل أن أحرمها إذا كانوا محسنين متقين {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}» (١).

٤ - وقال مروان لبوابه رافع (٢): «اذهب يا رافع إلى ابن عباس فقل: لئن كان كل امرئ منا فرح بما أتى، وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذباً، لنعذبن أجمعون، فقال ابن عباس: ما لكم ولهذه الآية؟ ، إنما أنزلت هذه الآية في أهل الكتاب، ثم تلا ابن عباس: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} هذه الآية، وتلا ابن عباس: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا


(١) جامع البيان (٨/ ٦٦٩)، والمستدرك (٤/ ١٤٣) قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه»، ووافقه الذهبي، وجاء عن أنس - رضي الله عنه - ما يوافق كلام ابن عباس في سبب نزول الآية، فعنه قال: «كنت ساقي القوم في منزل أبي طلحة، وكان خمرهم يومئذ الفضيخ، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منادياً ينادي: ألا إن الخمر قد حرمت، قال: فقال لي أبو طلحة: اخرج فأهرقها، فخرجت فهرقتها، فجرت في سكك المدينة، فقال بعض القوم: قد قتل قوم وهي في بطونهم، فأنزل الله: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} الآية». صحيح البخاري، كتاب المظالم، باب صب الخمر في الطريق (٣/ ١٠٢)، وصحيح مسلم كتاب الأشربة (٣/ ١٥٧٠) برقم (١٩٨٠).
(٢) له ترجمة مختصرة جداً في تهذيب التهذيب (١/ ٥٨٦).

<<  <   >  >>