مِنْ طَيِّبٍ، ولا تقْبَلُ الله إلا الطَّيِّبَ، إلا أَخَذها الرحمن بيمينه -وإن كانت تمرة- فتربو في كفِّ الرحمن حتى تكونَ أعظمَ من الجبل، كما يُرَبِّي أحدُكم فُلُوَّهُ أو فصيلَه] (١).
قال ابن كثير:(أي: هو الخالق الرازق، يُخرج الإنسان من بطن أُمّه عريانًا لا عِلْمَ له ولا سمعَ ولا بَصَرَ ولا قُوى، ثم يرزقه جميع ذلك بعد ذلك، والرِّياشَ واللِّباس والمالَ والأملاك والمكاسب، {ثُمَّ يُمِيتُكُمْ} أي: بعد هذه الحياة، {ثُمَّ يُحْيِيكُمْ}، أي: يوم القيامة. وقوله تعالى:{هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ}، أي: الذين تعبدونهم من دون الله، {مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ}، أى: لا يقدر أحدٌ منهم على فِعْل شيء من ذلك، بل الله -سبحانه وتعالى- هو المستقل بالخَلْقِ والرّزقِ، والإحياء والإماتة، ثم يبعث الخلائق يوم القيامة).
وقوله:{سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}. قال قتادة:(يسبح نفسه إذ قيل عليه البهتان). أي: تقدس وتنزه عن أن يكون له نظير أو مثيل أو شريك أو ولد أو صاحبة، فهو وحده الخالق الرازق الإله الأحد الصمد فلا تجوز العبادة إلا له.
في هذه الآيات: ظهورُ الفساد المؤذي في البر والبحر عقوبةُ الله للناس بما استهتروا في أمْرِ دينهم وَوُجُوب الأمرِ بالمعروف والنهي عن المنكر. قل -يا محمد- لمشركي قومك: سيروا في البلَاد فانظروا إلى مساكن الذين كفروا من قبلكم وما أنزل الله بهم.
(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم (١٠١٤) - كتاب الزكاة. باب قبول الصدقة من الكسب الطيب وتربيتها. والفلوّ: المهر، والفصيل: ولد الناقة.