[الحج: ٥]. وفي ذلك عبرةٌ ودلالةٌ واضحة على المعاد وقيام الساعة، ولهذا قال: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}).
وقوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ}. قال قتادة: (قامتا بأمره بغير عمد). وذلك كقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا} [فاطر: ٤١]. وكقوله تعالى: {وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [الحج: ٦٥].
قال النسفي: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ} تثبت بلا عمد {السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ} أي بإقامته وتدبيره وحكمته).
وقوله: {ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ}. أي: من قبوركم ليوم الفصل.
قال قتادة: (دعاهم فخرجوا من الأرض).
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: {يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: ٥٢].
٢ - وقال تعالى: {إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ} [يس: ٥٣].
٣ - وقال تعالى: {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (١٣) فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ} [النازعات: ١٣ - ١٤].
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض] (١).
٢٦ - ٢٧. قوله تعالى: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (٢٦) هُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٧)}.
في هذه الآيات: إثباتُ الملك كله لله، وإثبات بدئه -تعالى- الخلق ثم إعادته، ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم.
فقوله تعالى: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ}. قال ابن عباس:
(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٨١٢)، وأخرجه مسلم (٢٧٨٧)، وغيرهما.