قال النسفي:(كان سفهاء قريش وجهلتهم يقولون: إنّ رب محمد يضرب المثل بالذباب والعنكبوت ويضحكون من ذلك، فلذلك قال:{وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} به وبأسمائه وصفاته، أي: لا يعقل صحتها وحسنها ولا يفهم فائدتها إلا هم, لأن الأمثال والتشبيهات إنما هي الطرق إلى المعاني المستورة حتى تبرزها وتصورها للأفهام). وعن عمرو بن مرة قال:(ما مررت بآية من كتاب الله لا أعرفها، إلا أحزنني. لأني سمعت الله تعالى يقول:{وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ}).
في هذه الآيات: خَلْقُ الله السماوات والأرض بالحق، ودعوته تعالى رسوله - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين لتلاوة الوحي وإقام الصلاة، فهي تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكر الله أكبر، وألله يعلم جميع شؤون عباده وأعمالهم.
فقوله:{خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ}. أي: محقًا، أراد بخلقه ذلك الجِدّ والعمل، لا اللهو والعبث والكسل. قال النسفي:(يعني لم يخلقهما باطلًا بل لحكمة، وهي أن تكونا مساكن عباده، وعبرة للمعتبرين منهم، ودلائل على عظم قدرته).