في هذه الآيات: تقرير الله تعالى أن الاعتراف بالربوبية يقتضي الإقرار له تعالى بالألوهية، وأن ما يُعبد من دونه لا يملك كشف الضر ولا جلب النفع، فهو سبحانه الواحد القهار. لقد أنزل الماء من السماء فسالت بذلك الأودية، فعلا الماء زبد وكذلك ما يوقد في النار مما يسبك فيها من الذهب أو الفضة ابتغاء حلية من نحاس أو حديد يعلوه زبدٌ كذلك، وكلا الزبدين يتلاشى، وهذا شأن الباطل في اضمحلاله وتلاشيه، وشأن الحق في ثباته وبقائه، كذلك يضرب الله الأمثال.
قال ابن كثير:(يقرر تعالى أنه لا إله إلا هو، لأنهم معترفون أنه هو الذي خلق السماوات والأرض، وهو ربها ومُدَبِّرها، وهم مع هذا قد اتخذوا من دونه أولياء يعبدونهم، وأولئك الآلهة لا تملك لنفسها ولا لعابديها بطريق الأولى، {نَفْعًا وَلَا ضَرًّا}، أي: لا تُحَصِّلُ منفعة ولا تدفع عنهم مضرةً. فهل يستوي من عَبَدَ هذه الآلهة مع الله ومن عبد الله وحده لا شريك له وهو على نور من ربه؟ ! ).
قال مجاهد:(ضربت مثلًا. قال: خلقوا كخلقه، فحملهم ذلك على أن شكُّوا في الأوثان).
قال النسفي:(أي أنهم لم يتخذوا لله شركاء خالقين قد خلقوا مثل خلق الله - فاشتبه عليهم مخلوق الله بمخلوق الشركاء، حتى يقولوا قَدَرَ هؤلاء على الخلق كما قدر الله عليه فاستحقوا العبادة فنتخذهم له شركاء ونعبدهم كما يعبد، ولكنهم اتخذوا له شركاء عاجزين لا يقدرون على ما يقدر عليه الخلق فضلًا على ما يقدر عليه الخالق).