للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيكُمْ ضَعْفًا}. . الآية، فكانوا إذا كانوا على الشطر من عَدُوهم لم يَنْبَغِ لهم أن يَفِرُّوا من عدوِّهم، وإذا كانوا دون ذلك، لم يجب عليهم قتالهم، وجاز لهم أن يتحوَّزوا عنهم).

وفي صحيح البخاري عن ابن عباس قال: [لما نزلت: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ}، شقَّ ذلك على المسلمين حين فُرض عليهم أن لا يَفرَّ واحِدٌ من عَشَرة، فجاء التخفيفُ فقال: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ}] (١).

قال ابن عباس: (فلما خفف الله تعالى عنهم من العدة نقص من الصبر بقدر ما خفف عنهم) (٢).

وقوله: {بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ}. قال ابن إسحاق: (أي: لا يقاتلون على نِيَّةٍ ولا حقٍّ فيه، ولا معرفة بخير ولا شر).

وقوله تعالى: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}.

قال مجاهد: (كان فرض عليهم إذا لقي عشرون مئتين أن لا يفروا، فإنهم إن لم يفرّوا غَلَبوا. ثم خفف الله عنهم فقال: {فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ}، فيقول: لا ينبغي أن يفرَّ ألف من ألفين، فإنهم إن صبروا لهم غلبوهم).

٦٧ - ٦٩. قوله تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٦٧) لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٦٨) فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٦٩)}.

في هذه الآيات: يخبر تعالى نبيّه - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه المؤمنين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم


(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٦٥٣) - كتاب التفسير - سورة الأنفال، الآية (٦٦).
(٢) حديث صحيح. أخرجه أبو داود (٢٦٤٦) - باب في التولي يوم الزحف -. انظر صحيح أبي داود (٢٣٠٥)، وكذلك أخرجه البخاري في إثر الحديث السابق (٤٦٥٣) من كتاب التفسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>