في هذه الآيات: أَمْرُ الله تعالى عباده المؤمنين بالإعداد لأعدائهم من جميع أنواع القوة وآلات الحرب وما يكون فيه كسر شوكة الكفر في الأرض، والاهتمام بالخيل التي تربط في سبيل الله، فإنها لا تزال تحمل الخير للأمة إلى يوم القيامة: في الأجر والغنيمة، وكل ذلك كي تخزوا عدو الله وعدوكم، وترهبوا المنافقين الذين يتخللون بينكم، الله يعلمهم، وما تنفقوا في أعمال الجهاد والخير من نفقة فأجر ذلك عند الله كبير وأنتم لا تظلمون.
وإن جنح الأعداء للصلح والمهادنة ورأى إمام المسلمين في ذلك مصلحة فليصالح وليتوكل على الله السميع العليم.
وإن أرادوا بذلك خدعة ومكرًا فقد أيد الله نبيّه من قبل بالمهاجرين والأنصار، وألف بين قلوبهم، وقطع الحرب بين الأوس والخزرج بنور الإيمان، وبنبيه عليه الصلاة والسلام، ولو أنفقت أموال الدنيا بغير ذلك ما كان لهم أن يتحابوا، ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم.
فعن عكرمة:(قوله: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}، قال: الحصون).
وقال السدي:(من سلاح).
قلت: بل كل أنواع القوة داخل في مفهوم الأمر بالإعداد، فإن الحرب خدعة.
قال ابن جرير:(فليس في الخبر ما يدل على أنه مراد بها الرمي خاصة دون سائر معاني القوة عليهم، فإن الرمي أحد معاني القوة، . .، ومن القوة أيضًا السيف والرمح والحربة وكل ما كان معونة على قتال المشركين).
فيكون تأويلُ قوله:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}، كما قال ابن كثير:(أمر تعالى بإعداد آلات الحرب لمقاتلتهم حسب الطاقة والإمكان والاستطاعة فقال: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}، أي: مهما أمكنكم).
أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن عقبة بن عامر قال: [سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،