أخرج البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: [قلت: يا رسول الله، أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعلَ لله نِدًّا وهو خلقك. قلت: ثم أيّ؟ قال: أن تقتل ولَدكَ خشية أن يَطْعَمَ معك. قلت: ثم أي؟ قال: أن تُزانيَ حَليلة جارِك. ثم تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ}. . . الآية] (١).
وهذه الآية تتكلم على خشية الفقر الآجل في المستقبل، فطمأنهم الله وبدأ الكلام عن رزق الأولاد قبل الآباء، أي: لا تخشوا فقركم بسببهم، فإن رزقهم على الله. وأما آية الأنعام {مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} فكأنها تتحدث عن الفقر الحاصل بهم، فعزّاهم ربهم وبدأ بتطمينهم بِسَوْق الرزق إليهم ثم لأولادهم من بعدهم.
قال ابن عباس:(كانوا في الجاهلية لا يرون بالزنا بأسًا في السر، ويستقبحونه في العلانية، فحرّم الله الزنا في السر والعلانية).
وقال الضحاك:({مَا ظَهَرَ}، الخمر، {وَمَا بَطَنَ}: الزنا).
قلت: والآية عامة في كل الفواحش الظاهرة والخفية - كما قال ابن جرير:(يقول تعالى ذكره: ولا تقربوا الظاهرَ من الأشياء المحرّمة عليكم، التي هي علانية بينكم لا تناكرون ركوبها، والباطنَ منها الذي تأتونه سرًّا في خفاء لا تجاهرون به، فإن كل ذلك حرام).
أخرج البخاري ومسلم عن ورَّادٍ كاتبِ المغيرة، عن المغيرة قال: قال سعدُ بن عُبَادة: لو رأيتُ رجلًا مع امرأتي لضربْتُهُ بالسيف غَيْرَ مُصْفَحٍ، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: [تَعْجَبُون من غَيْرَةِ سَعْدٍ؟ والله لأنا أغْيَرُ منه، واللهُ أغْيَرُ منِّي، ومن أجل غَيْرَةِ الله حَرَّمَ الفواحِشَ ما ظهرَ منها وما بَطَن، ولا أحدَ أحبُّ إليه العُذْرُ من الله، ومن أَجْل ذلك بعث المنذِرينَ والمبشِّرينَ، ولا أحدَ أحبُّ إليه المِدْحَةُ من الله، ومن أجْل ذلك
(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٤٧٧)، و (٤٥٢٠)، ومسلم (٧٦)، وأحمد (١/ ٤٣٤)، وأخرجه النسائي (٧/ ٩٠)، وأخرجه الترمذي (٣١٨٣)، وابن حبان (٤٤١٤)، وغيرهم.