للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّرَ علينا أبا عُبيدة، نَتَلَقَّى عِيرًا (١) لقريش، وَزَوّدَنا جِرابًا مِنْ تَمْرٍ لم يَجِدْ لنا غَيْرَه، فكان أبو عُبيدة يعطينا تَمْرَةً تَمْرةً، قال: فقلت: كيف كُنْتُم تَصْنَعون بها؟ قال: نَمَصُّها كما يَمَصُّ الصَّبي، ثم نَشْربُ عليها من الماء، فَتَكْفِينا يَوْمَنَا إلى الليل، وكنا نَضْرِبُ بِعِصِيِّنَا الخَبَطَ، ثم نَبُلُّهُ بالماء فنأكُلُه، قال: وانطلقنا على ساحل البحر، فَرُفِعَ لنا على ساحلِ البحر كهيئة الكثيب الضَّخم، فأتيناهُ فإذا هي دابَّةٌ تُدعى العَنْبَرَ. قال: قال أبو عبيدة: مَيْتَةٌ، ثم قال: لا، بل نحن رُسُلُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي سبيل الله، وقد اضْطُرِرْتُم فكلوا، قال: فأقَمْنا عليه شهرًا، ونحن ثلاثُ مئةٍ حتى سَمِنَّا، قال: ولقد رأيْتُنا نَغْتَرِفُ من وَقْبِ عَيْنِهِ، بالقلال (٢)، الدُّهْنَ، ونَقْتَطِعُ مِنْهُ الفِدَرَ كالثَّورِ - أي: كَقَدْرِ الثَّوْر - فلقد أخذَ منا أبو عبيدة ثلاثة عشرَ رجلًا، فأقْعَدَهُم في وَقْبِ عينه، وأخذ ضِلْعًا من أضلاعه، فأقامها، ثم رَحَلَ أعظم بعير مَعَنا فَمَرَّ من تحتِها، فتزوَّدْنا من لحمه وَشَايِقَ (٣)، فلما قدمنا المدينة أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فَذكَرْنا ذلك له، فقال: هو رِزْقٌ أخرجَهُ الله لكم، فهل معكم من لحمه شيء فَتُطعمونا؟ قال: فأرسلنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْه، فأكَلَهُ] (٤).

الحديث الثالث: أخرج أحمد وابن ماجة بسند صحيح عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [أحلت لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان فالحوت والجراد، وأما الدَّمان فالكبدُ والطِّحال] (٥).

ويستثنى الضفدع، فقد ورد النهي عن قتله، مع أنه يعيش في الماء. فقد أخرج أبو داود والنسائي بسند جيد عن عبد الرحمن بن عثمان التَّيمي: [أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن قَتْلِ الضِفْدع] (٦).


(١) العير: هي الإبل التي تحمل الطعام وغيره. وفي رواية أنه بعثهم - صلى الله عليه وسلم - إلى سيف البحر لذلك.
(٢) القلال: جمع قلة، وهي الجرة الكبيرة التي يقلها الرجل بين يديه أي يحملها.
(٣) قال أبو عبيد: هو اللحم يؤخذ فيُغلى إغلاء، ولا ينضج، ويحمل في الأسفار. يقال: وشقت اللحم فاتشق، والواحدة منه: الوشيقة.
(٤) حديث صحيح. أخرجه مسلم (١٩٣٥) - كتاب الصيد والذبائح، باب إباحة ميتات البحر.
(٥) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٢/ ٩٧)، وابن ماجة (٣٣١٤)، والبيهقي (١/ ٢٥٤)، والحاكم، وغيرهم. من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
(٦) حديث إسناده جيد. أخرجه أبو داود (٣٨٧١)، (٥٢٦٩)، والنسائي (٧/ ٢١٠)، والحاكم (٤/ ٤١٠). من حديث عبد الرحمن بن عثمان التيمي مرفوعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>