للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثانيهما: أن يترك شيئًا من التقسيم، كقول جرير:

كَانَتْ حَنِيفَةُ أَثْلَاثًا فثُلْثُهُمُ ... مِنَ العَبِيدِ وَثُلُثٌ مِنْ مَوَالِيهَا (١)

وسكت عن الثلث الثالث.

وأما "فساد التقابل"، فهو فساد التضاد المقصود، كقول أبي عدي:

رُحَمَاءُ لِذِي الصَّلَاحِ وَضرَّابُو ... نَ قِدْمًا لِهَامَةِ الصِّنْدِيدِ (٢)

فقابلَ ذا الصلاح بالصنديد، وقد يكون الصنديدُ صالِحًا لهم، أفيضربون هامته؟ وقد يكون غير الصنديد شريرًا، أفلا يضربون هامته.

وأما "فساد التفسير"، فهو فساد البيان بأن لا يلاقي البيانُ مَا أُجمل سابقًا، كقول بعضهم مادحًا:

فَيَا أَيُّهَا الحيْرَانُ فِي ظُلَمِ الدُّجَى ... وَمَنْ خَافَ أَنْ يَلْقَاهُ بَغْيٌ مِنَ العِدَى

تَعَالَ إِلَيْهِ تَلْقَ مِنْ نُورِ وَجْهِهِ ... ضِيَاءً وَمِنْ كَفَّيْهِ بَحْرًا مِنَ النَّدَى (٣)


(١) هو البيت قبل الأخير من قصيدة من ثلاثة عشر بيتًا يهجو فيها بني حنيفة. ديوان جرير، ج ٢، ص ٥٤٥. وفيه "صارت" بدل "كانت".
(٢) قدامة بن جعفر: نقد الشعر، ص ١٦٦؛ ابن منقذ: البديع في نقد الشعر، ص ١٥٢. ووجه فساد المقابلة - كما قال ابن منقذ - أن "الصنديد لا يوفق ذوي الصلاح، وإنما الصواب هامة الشرير". والشاعر هو أبو عدي - ويكنى كذلك بأبي علي - عبد الله بن عمر بن عبد الله بن علي بن عدي بن ربيعة بن عبد العُزى بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي، القرشي، العبشمي، المعروف بالعَبْلي. شاعر حجازي، من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية. انظر ترجمته وأخباره في: الأصفهاني: الأغاني، ج ٤/ ١١، ص ٤٢٤ - ٤٣٣ (نشرة الحسين)؛ ابن عساكر، أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله الشافعي: تاريخ مدينة دمشق وذكر فضلها وتسمية مَنْ حل بها من الأماثل أو اجتاز بنواحيها من وارديها وأهلها، تحقيق جماعة من العلماء (بيروت: دار الفكر، ١٤١٦/ ١٩٩٦)، ج ٣١ ص ٢٠٧ - ٢١٦.
(٣) قدامة بن جعفر: نقد الشعر، ص ١٦٧؛ المرزباني: الموشح، ص ٢٨٤؛ ابن منقذ: البديع في نقد الشعر، ص ١٤٩؛ العلوي: نضرة الإغريض، ص ٤٢٩؛ ابن معصوم المدني: أنوار، ج ٦، =

<<  <  ج: ص:  >  >>