للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تجعلها في موضع نصب على الحال من الجنة لكونها قد وصفت، وأن تجعلها مستأنفة.

فإن قلت: هل يجوز أن تكون حالًا من المضاف إليه وهو ضمير الجنة؟ قلت: مُنع ذلك لأوجه:

أحدهما: عدم العامل.

والثاني: أن العرض هنا لا يراد به المصدر الحقيقي، وإنما يراد به المسافة، إذ المراد وصفها بالسَّعة والبَسْطَةِ.

والثالث: أن ذلك يؤدي إلى الفصل بين الحال وصاحبها بالخبر.

{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ واللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣٤)}:

قوله عز وجل: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ} إما موصول بالمتقين (١) على أنه نعت مجرور، أو مدح منصوب، أو مرفوع على إضمار: (هم).

وقوله: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ} عطف على {الَّذِينَ} على الوجهين الأولين، وأما على الوجه الثالث: فمنصوب على المدح، كقوله: {وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ} (٢).

والكاظمون الغيظ: الحابسونه، يقال: كَظَمَ غيظه كَظْمًا، إذا حبسه واجترعه فهو كظيم. وفي الحديث: "من كظم غيظًا وهو يقدر على إنفاذِهِ ملأ الله قلبه أمنًا وإيمانمًا" (٣). قيل: وأصله من كظمت القِرْبة، إذا ملأتَها ماء ثم شددتها.


(١) من الآية السابقة.
(٢) سورة النساء، الآية: ١٦٢.
(٣) بهذا اللفظ أخرجه ابن أبي الدنيا في ذم الغضب. انظر الجامع الصغير (٨٩٩٧) ورمز له السيوطي بالضعف. ورواه أبو داود من طريق أخرى في الأدب، باب من كظم غيظًا (٤٧٧٨) وفي سنده جهالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>