للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أجيز الجر مع الفصل في الخبرية، والوجه: النصب، للفصل بين الجار والمجرور. وقد أتت {مَنْ} مع المميّز من غير فصل، كقوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} (١)، {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ} (٢) والاختيار أن تكون مع الفصل.

ولك أن تجعل {كَمْ} في موضع رفع بالابتداء، و {آتَيْنَاهُمْ} الخبر، على أن تقدر إضمار العائد، أي: كم آتيناهموها، أو آتيناهم إياها، ولا يجيز صاحبُ الكتاب الرفعَ مع الحذف في الاختيار وحال السعة (٣).

وبنيت (كم) لتضمنها معنى همزة الاستفهام إن كانت استفهامية، وإن كانت خبرية فبنيت لكونها محمولة على (رُبَّ)، لأنها نقيضتُها (٤)، وذلك أن (رب) للتقليل، و (كم) للتكثير، والشيء قد يُحمل تارةً على نقيضه، كما يحمل على نظيره.

فإن قلت: ما محل {كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ}؟ قلت: محلها النصب على أنها مفعول ثان لقوله: {سَلْ}.

فإن قلت: هل يجوز أن تنصب {كَمْ} بقوله {سَلْ}؟ قلت: لا؛ لأن لها صدر الكلام، استفهامية كانت أو خبرية.

وقوله: {وَمَنْ يُبَدِّلْ} مَن: شرطية في موضع رفع بالابتداء، والخبر {يُبَدِّلْ}، والعائد: المستكن في {يُبَدِّلْ}. وقيل: العائد محذوف، والتقدير: شديد العقاب له، فيختصُ العقابُ بالمُبَدِّلِ.

وعلى الوجه الأول: يحتمل أن يكون له، وأن يكون عامًا في كل


(١) تقدم في الآية: ١٠٦ من هذه السورة.
(٢) من الآية: ٢١٥ الآتية بعد.
(٣) انظر التبيان ١/ ١٧٠.
(٤) في (أ): تقتضيها، تصحيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>