للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما قال: {فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} عند التعجيل والتأخير تنبيهًا على أن كليهما مخير فيهما، كأنه قيل: فتعجلوا أو تأخروا (١).

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (٢٠٤)}:

قوله عز وجل: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ}: مَن: موصولةٌ وما بعدها صلتها، أو موصوفة وما بعدها صفتها، وهي في كلا التقديرين في موضع رفع بالابتداء، و (من الناس) الخبر. ومعنى {يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ}، أي: يروقك قوله.

وقوله: {فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} قد جوز أن يتعلق بالقول، أي: يعجبك ما يقوله في معنى الدنيا، لأن ادعاءه المحبة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ما فسر (٢) - بالباطل يتطلب حظًّا من حظوظ الدنيا.

وأن يتعلق بالإعجاب، أي: قوله حلو فصيح في الدنيا، فهو يعجبك في الدنيا، ولا يعجبك في الآخرة، لما يَرْهَقُهُ في الموقف من الحُبْسَةِ واللُّكْنَةِ (٣).

وقوله: {وَيُشْهِدُ اللَّهَ} عطف على {يُعْجِبُكَ}، أي: يحلف ويقول: الله شاهد على ما في قلبي من محبتك ومن الإسلام. ويحتمل أن تكون الجملة في موضع نصب على الحال من الهاء في {قَوْلُهُ}، والعامل فيها القول، أي: يروقك أن يقول في معنى الدنيا حالفًا على ذلك.


(١) كذا في الكشاف ١/ ١٢٦. وانظر الطبري ٢/ ٣٠٥ - ٣٠٦، وتأويلات أهل السنة/ ٤٣٠/.
(٢) ذكر البغوي ١/ ١٧٩ عن الكلبي، ومقاتل، وعطاء، أنها نزلت في الأخنس بن شريق الثقفي، وكان رجلًا حلو الكلام، حلو المنظر، وكان يأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويجالسه، ويظهر الإسلام، ويقول: إني لأحبك، ويحلف بالله على ذلك، وكان منافقًا .. وانظر الطبري ٢/ ٣١٢، والماوردي ١/ ٢٦٥، والكشاف ١/ ١٢٦.
(٣) الحُبْسَةُ: تعذر الكلام عند إرادته. والألكن: الذي لا يقيم العربية لعجمة لسانه. (القاموس).

<<  <  ج: ص:  >  >>