للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأخذ، وأنشأ، وحكمها حكم كاد في وقوع الخبر فعلًا مضارعًا، وبينها وبينه مسافة قصيرة هي للشروع في أول الأمر، وكاد لمشارفته والدنو منه، وقد مضى الكلام عليها، وعلى {يَخْصِفَانِ} في سورة الأعراف (١).

وقوله: {فَغَوَى} الجمهور على فتح الواو وألف بعدها، وهو بمعنى خَاب وضَلَّ عما أُمر به، والغيّ في اللغة: الخيبة والضلال، وقد غَوَى يَغْوي بفتح العين في الماضي وكسرها في الغابر غَيًّا وَغَوَايَةً فهو غَاوٍ وغَوٍ.

وقرئ: (فَغَوِيَ) بكسر الواو وفتح الياء (٢)، أي: فبشم من كثرة الأكل، يقال: غَوِيَ الفصيل والسخلة يَغْوَى بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر غَوًى، وهو أن يشرب اللبن حتى يتخم ويفسد جوفُه (٣). وهذه قراءة مرذولة مردودة، لا يحل لأحد أن يقرأ بها (٤).

{وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (١٢٤) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (١٢٥) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (١٢٦) وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (١٢٧)}:

قوله عز وجل: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا}


(١) عند إعرابه للآية (٢٢) منها.
(٢) كذا ذكرها على أنها قراءة تبعًا للعكبري ٢/ ٩٠٦. وبه قال السمين ٨/ ١١٥. وتبعه الآلوسي ١٦/ ٢٧٤. ويظهر - والله أعلم - أنها تفسير لكلمة (غوى) هروبًا من نسبة آدم - عليه السلام - إلى الغي، ويؤيد هذا أن كتب الشواذ لم تذكرها، كما أن الزمخشري لم يصرح بأنها قراءة، وكذلك ذكرها ابن الجوزي ٥/ ٣٢٩ - وهو فارس في ميدان القراءات الشاذة - كتفسير عن ابن الأنباري وغيره، والله أعلم.
(٣) هذا معنى اقتصر عليه ابن الأنباري كما في زاد المسير ٥/ ٣٢٩. وقدم عليه الجوهري (غوى) معنى ألا يروى من لبن أمه حتى يموت هزالًا.
(٤) وقال الزمخشري ٢/ ٤٥٠: تفسير خبيث.

<<  <  ج: ص:  >  >>